عن شيء ما .. عصر الطبشورة

- عن شيء ما .. عصر الطبشورة - 2024-08-31
- عن شيء ما .. السفر الذهني عبر الزمن - 2024-02-04
الطبشور أو الطباشير صخرٌ رسوبي أبيضٌ ناعمٌ، ذو حبيبات دقيقة، وشكل من أشكال الحجر الجيري.
لكن هذا الطبشور وَشَمَ أهم ذكرياتنا في المدارس قبل أنْ تُبدَّل الطبشورة بالأقلام والسُّبورة بأجهزة العرض والكمبيوتر اللوحي، بتنا نحنُ جيل الطباشير نشعرُ كأننا جئنا من العصر الحجري، حينما نشاهدُ هذا الكم من التطور والتغير في التعليم وأساليبه وأدواته، بتنا نشعرُ وكأننا من عصور بائدة يفصل بيننا وبين اليوم ملايين السنين، تمامًا كما يفصلنا عن العصر الطباشيري 65 مليون سنة ماضية مثلًا، العصر الذي انتهى بكارثة أدّت إلى انقراض الديناصورات نهائيًّا.
في العصر الطباشيري كانت الديناصورات لا تزال تواصل سيطرتها على اليابسة. خلال هذا الوقت، ظهرت مجموعات جديدة من الثدييات والطيور، وكذلك النباتات المزهرة، حتى انقرضت بلا رجعة وطويت صفحتُها في التاريخ كما يطوي الزمنُ كلَّ الصفحات.
تُرى هل شعرتْ الديناصورات كما نشعرُ اليومَ بأن عصرها انتهى مع ظهور أشكال أخرى من الحياة؟
نعم أحِنُّ إلى عصر الطبشورة، إلى الطباشير الأبيض والملون، عندما كانت تترك أثرها على أيدينا وننفض غبارها ليتساقط على الأرض، القديمُ جميلٌ دائمًا وأبدًا، مهما بدا بدائيًا وسخيفًا، وحدها الذكريات التي تُشعرنا كم كبرنا حتى دون أن نكبر.
كانت أداتنا في التعبير، حين نقذفها على بعضنا بعضًا، بل والأداة الأسرع في يد المعلم ليقذفها على أي تلميذ يثرثر أو يغلبه النُعاس.
الطبشورة لم تكن مجرد طبشورة، فهي من أقدم الوسائل التعليمية المستخدمة في حقل التعليم، وأكثرها توافرًا وانتشارًا وأهمية في ذلك الوقت في جميع الصفوف، والمدارس.
نعم تطورت كما تطوَّر كلُّ شيء في مدارسنا الحديثة وأصبحَ معظمُ الأجيال الجديدة لا يعرفها أو يستخدمها، بسبب طغيان التكنولوجيا حتى في الوسائل التعليمية، وبالكاد يستخدمها أحد بسبب الانجذاب للأقلام الزيتية.
لكن لهذه الأقلام الكِلسية رغم صوتها المُزعج، يكفي أنها كانت بيضاء كقلوبنا الصغيرة آنذاك.
hananbadih58@gmail.com
** المصدر: جريدة”الراية”