فيض الخاطر.. الطبقة الوسطى.. المرونة والاستقرار

في كتابِه «محورية الطبقة الوسطى: المرونة السياسية الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي»، يؤكّد الدكتور خالد علي الجفيري على تأثير الطبقة الوسطى في المُجتمع من الناحيتين السياسية والثقافيّة، وإن هذه الطبقة تقوم بدور حيوي في دعم نمو الدولة من خلال دفع عجلة التنمية الاقتصاديّة، وتعظيم دور المجتمع في الحياة السياسيّة، ومن خلال اتخاذه «صربيا وفيتنام» نموذجين لدولتين مُتقاربتين أيديولوجيًا، مُختلفتين من حيث التنمية الاقتصادية، يستعرض الكاتبُ أنماطًا بُعديةً ووظيفيةً ليكشفَ لنا كيف يعمل إعلاء شأن الطبقة الوسطى على فَهم طبيعة الاستقرار السياسي للمجتمعات الحديثة، ثم يختم كتابه بإثبات تأثير التحديات الاجتماعية والعوامل الثقافية للمُجتمع على التنمية والنمو. ويُعدّ الكتابُ بمثابة دراسة شمولية يمكن اتخاذها مرجعًا مُهمًا للمُتخصصين في علم الاجتماع، والمُهتمين بموضوعات الاستقرار السياسي والتصنيفات الأيديولوجية وأدبيات التنمية.
وقد قسم المؤلفُ كتابه إلى 8 فصول، تناول في الفصل الأوّل نظريات الطبقات: التقسيم الطبقي الاجتماعي والانقسام الاجتماعي، بما في ذلك انعدام المساواة الاجتماعيّة، وفي الفصل الثاني مسارات التنمية التي تعنى بالإصلاحات الاجتماعية السياسية والاقتصادية، ويشمل مؤشر التنمية البشرية: أداة لقياس تقدّم المجتمع. وفي الفصل الثالث البنية الهندسية للطبقة الوسطى: الحَرَاك الاجتماعي الصاعد. وفي الفصل الرابع: صربيا الرأسمالية الجديدة ما بعد الاشتراكية: تطوير الطبقة الوسطى، والفصل الخامس: الطبقة الوسطى محور المركزية، والفصل السادس: ريادة الأعمال تظهر المرونة الاجتماعية والاقتصاديّة. والفصل السابع: القيود أداة النظر في تحليل الطبقات.. فائدة الطبقة الوسطى، والفصل الثامن: اعتبارات واستنباطات، عن الطبقات الاجتماعية وعدم التجانس المجتمعي. ويقول المؤلف: «أهدي هذا الكتاب إلى الباحثين والعلماء في هذا المجال الذين تنصبّ ركيزة أبحاثهم على نموذج الطبقة الوسطى ونموها وخطابات التنمية التي تُهيمن عليها، وأهديه إلى مؤسسات الدولة التي تُعوّل أعمالها على وجود طبقة وسطى مُستقرة ومُتنامية في آنٍ واحدٍ. وأهديه أيضًا إلى المُجتمع كله الذي يشكّل أفراده جزءًا لا يتجزأ من مسار التنمية والنمو».
والمعروف أن الطبقة الوسطى تُشكّل الأغلبية في معظم المجتمعات، ما يمنحها دورًا أساسيًا في مسار التنمية، سواء من حيث المُشاركة في بناء هذه التنمية، أو من حيث شمول خطط التنمية لهذه الشريحة من المُجتمع، باعتبارها جزءًا فعالًا ومؤثرًا، من نسيج هذا المجتمع، بل قادرًا على صنع التحوّلات الاقتصاديّة والثقافيّة التي قد يتعرّض لها هذا المجتمع، وبعيدًا عن النظريات التي تحاول أدلجة دور الطبقة الوسطى في سياق النمو المجتمعي، فإن هذه الطبقة لا يمكن أن تنفصلَ عن الحَرَاك التنموي الشامل، وبالتالي تظلّ الحاجة لاستقرارها الاقتصادي هدفًا إلزاميًا في جميع الدول، حفاظًا على أمن واستقرار المجتمع، من خلال خضوعها للأنظمة والقوانين السائدة في ذلك المُجتمع، وأي مُكتسبات قد تنالها لا يمكن إلا أن تكونَ جزءًا من مُكتسبات جميع أفراده بصفة عامة.

alkawarik@gmail.com

** المصدر: جريدة “الراية”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى