فيض الخاطر.. كفاءة نظريات العلوم الاجتماعية

في نهاية شهر نوفمبر الماضي وتحديداً في الثالث والعشرين منه، نظم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر، وهو مركز بحثي تابع لمكتب نائب رئيس الجامعة للبحث والدراسات العليا، ومعني بتطوير العلوم الإنسانية والاجتماعية والتجسير فيما بينهما والمثاقفة الحضارية على المستوى العام، ويتكون من قسمين: قسم العلوم الإنسانية الذي يهتم بالظواهر المتمحورة حول الإنسان بمعزل عن الظواهر الناشئة عن تفاعله مع غيره من أبناء المجتمع.
وقسم العلوم الاجتماعية الذي يهتم بدراسة الظواهر الناشئة عن تفاعل الأفراد فيما بينهم. وكل ذلك يتم وفق رؤية تحقق الريادة في العلوم الإنسانية والاجتماعية على الصعيدين المحلي والخارجي بما يجعل من هذا المركز منصة مفضلة للباحثين وأصحاب المبادرات العلمية، ضمن رسالته وهي: (السعي لتطوير بنية العلوم الإنسانية والاجتماعية، وتجديدها لتكون أكثر ملاءمة للاحتياجات النظرية والواقعية لمجتمعاتنا من خلال التعاون مع أبرز المؤسسات والباحثين المميزين في حقل العلوم الإنسانية على الصعيدين المحلي والخارجي للعمل على إنتاج المشاريع المركزية وإدارتها).
هذا المركز نظم في التاريخ المذكور أعلاه، (مؤتمر مدى كفاءة نظريات العلوم الاجتماعية) بحضور عدد من الباحثين من الجامعة ودول الخليج العربية الأخرى، ويهدف المؤتمر إلى الاستعانة بجهود الباحثين من مختلف المجالات الاجتماعية للبحث عن مدى كفاءة النظريات في مختلف فروع العلوم الاجتماعية، ومدى صلاحية هذه النظريات في السياق العربي، وذلك ضمن اهتمام مركز ابن خلدون بمشروع «توطين العلوم الاجتماعية» في العالم العربي، وقد تم تخصيص الجلسة الأخيرة في هذا المؤتمر (لنقاش جدوى نظرية ابن خلدون في تفسير الواقع المعاصر، وتحديات استثمار النظريات في السياق العربي) ومناقشة أهم المسائل التي يثيرها كتاب «استدراكات على النموذج الخلدوني: تطبيق على الحالتين اليمنية والتونسية» والذي يعد أحدث إصدارات المركز في سياق توطينه للعلوم الاجتماعية، وجاءت المشاركات الداخلية والخارجية في المؤتمر لتثري فعالياته حيث تضمنت الأوراق المشاركة تعريفاً بالنظريات التي يسعى المؤتمر (إلى مساءلة كفاءتها التفسيرية، وكذلك المقومات الأولية التي يعول عليها في المساءلة). ويأتي ذلك كله انسجاماً مع القيم الحاكمة في المركز في سعيه المعلن للتميز والتنوع والاستقلالية والموضوعية والتكامل (لتحقيق تكامل فيما بين العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم الإسلامية، وتكامل بين المعرفة والواقع).
وتتسم نشاطات المركز بالاستمرارية في تقديم أهم المواضيع ذات العلاقة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية بهدف تحقيق المزيد من اتساع الأفق المعرفي أمام الباحثين والمهتمين بالعلوم الإنسانية والاجتماعية التي تشكل أساساً هاماً من أسس التنمية المستدامة في المجالين: الإنساني والاجتماعي، وذلك من خلال الانفتاح على التعاون مع الباحثين والجهات المعنية لتقديم المزيد من هذه النشاطات بهدف ترسيخ قيم جديدة في مجالات اختبار كفاءة نظريات العلوم الاجتماعية، وتطويرها للمستوى المتقدم في هذا المجال.

alkawarik@gmail.com

** المصدر :جريدة”الراية”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى