قصص قصيرة جداً – محمد حسني عليوة

الجسرة – خاص
الوجبة
بعد تناولنا الغداء بشهية مفرطة، تذكرت سيدة جذبتني من يدي عند باب المطعم.. فسألتُ الجرسون عن بقايا الوجبة، فأشار، بعد نظرة استغراب فاحصة، أنها في سلة المهملات. تركتُ زوجتي وخرجت إلى السيدة، فهالني وجود طفلة رضيعة تبكي، وحولها كلاب صغيرة تعبث معها!
صراع(1)
استبد به الجوع. وليس أمامه غير إبعاد الكلب عن صندوق القمامة؛ لكنه يخشى مهاجمته كما في المرتين السابقتين.
ومع فوات الوقت، قرر عمل محاولة أخيرة، أو يمضي لحال سبيله.
نزل بركبته والتقط حجرًا أكبر وسدّده مباشرة باتجاهه، فأصابه في قدمه مما جعله يعرج بها ويعوي بشدة. وفي منتصف الإسفلت تعرّض لرأسه بضربة من عكازه، ثم غرزَه في عينه، صنع منها ثقبًا كبيرًا.
وحين توقفت سيارة فارهة ألقى صاحبها كيسًا على أكوام القمامة، نزع عكازه وقفز هناك..قلّب الكيس بلهفة، نبشَه بأظافره، فلم يجد غير ورق تواليت وعُلب معدنية فارغة!
في ما كانت السيارة “تدهس الكلب”، سمع أنينًا مكتومًا يصمّ أذنيه.
صراع (2)
يقف منتظرًا بفرحة.. يحجل ويقفز بعرج ساقه، يوجهني لمكان شاغر أركن به سيارتي.
أراقبه، من نافذة مكتبي المطلة على ساحة الانتظار، منحيًا يغسل دواليب السيارة، ثم ينزل بجسمه النحيل أسفلها. أحسده على همته! دقائق وكان زميله، الذي يطارده من وقت لآخر، يسحبه من قدميه ويضربه بعنف. شعرتُ بقلق، وفي لحظة نزلتُ مسرعة، وقبل خطوتين منهما اقترب مني وطلب متوسلاً العمل بدلًا منه. نهض الأعرج بقميص ممزق وفم يقطرُ دمًا، بادره بسبّ أمه، التفتَ نحوه زميله وبحركة سريعة من يديه وقدميه كوّره على نفسه.
دخلتُ سيارتي مسرعًة وأدرتُ محركها. ألصقَ وجهه بالنافذة وأخذ يشير بطلب نقود، نظرتُ أمامي وقدتُ سيارتي بحثًا عن مكان آخر.. لمحته في المرآة ينهض من الأرض ويبصق ناحيتي بغلّ.