كان يقبّل فزّاعةً.. ثمّ يبكي… ل “مروان البطوش”

-مروان البطوش-

 

سألني زميلي في الحياة:
كم عمرك؟
فتذكّرتُ أنّيَ لم أتدرب على السياقة بعد
ولم أر أميَ منذ ثلاثة أعوام
لم أتخلص من زائد الوزن
ولم أتزوج…
تذكرت أني لم أمت رغم أني – من قبل – عاقرتُ نصف زجاجةِ سمٍّ وأحببتُ امرأتين شقراوين
ولا زلت وحدي…
سألني النذل، وراح يسرع في المسير، فلم أجب ووقفت
حتى خلتني سأورث الطرقات صمتي.

**

النساء يخرجن
كما تخرج الشعرة من العجين
أنا العجين
أنا العجين
تخبزني الوحدةُ .. ويأكلني العفَن.

**

كما يرتدي طفل حذاء أبيه ليكبر
ضربت موعدا مع الحب
وحين التقينا، مشيت خطوتين
ثم سقطت في حجر أمي.

**

متعب
متعب مثل قبر كثير الزيارة
متعب كقصائد تُرضي الجميع.

**

صرتُ دميةً مرعبةً لا يلهو بها أحد،
وجَدتني امرأةٌ شقراء قلّما تمشّطُ شَعرها
فانتزعتْ حشوة قلبي و علّقتني أصيصَ ندمٍ على شرفةٍ باردة
وفي الدّفء راحتْ تُحدّثُ أبناءها كيف حوّلتْ حُزني إلى غضبٍ.

**

المرأة الواقفة كشاهد القبر
أمام سريري
تسألني دائما:
لماذا لا يزورك أحد؟

**

المرأة التي قلت لها:
أحبك
ذات يوم
وحدّثتها عن جمال الحقل
ووفرة المحاصيل
لم تبادلني الحديث…
لم تلتفت نحوي.. حتى أنها لم تمتعض
واليوم
بعد سنين من الحبّ والهجر والشعر
أودعوني المصحةَ
سمعتُ أبي يقول لهم:
كان يقبّل فزّاعةً.. ثمّ يبكي…

**

على مشارف الثلاثين
لا يشدّ على يديكَ سوى يديك
لا أحد
لا الذي سمع انتحابكَ في الخفاء
ذات عام وأنت تفرك كفّيك بعد العقاب
ولا الذي لوّح أمامَك قبل قليلٍ لفتاةٍ لا تراكَ وراءكَ
لا أحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى