معرض الكتاب.. أدب ودين وطبخ

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

*ابراهيم شرارة

 

أنهى “معرض الكتاب العربي والدولي في بيروت – 57″، أمس، نشاطات متنوعة أضحت مُتنفّساً للمواطن اللبناني والعربي تبتعد به عن الوضع المتوتر السائد. وحفلت أيام المعرض بندوات أدبية وفكرية وسياسية وأُخرى ترفيهية – تعليمية للأطفال وطلاب المدارس، في حين كان الإقبال على أجنحته التي تمثّل دور نشر من لبنان ومختلف أنحاء العالم العربي شحيحاً، على الرغم من أنه اليوم الأخير قبل أن يقفل أبوابه أمام روّاده عن الساعة العاشرة مساءً.

في أجنحة معرض “البيال”، تتنوع الكتب بين السياسة والأدب والدين والتاريخ والرواية والثقافة العامّة وقصص الأطفال وكُتب تعليم الطبخ (التي تحتل النسبة الأكبر من المبيعات في بعض الدور!)؛ منها ما نفد أو ما كاد ينفد، ومنها ما لا يزال مُكدّساً على الرفوف. ففي حين تفخر بعض دور النشر بارتفاع نسبة مبيعاتها، تشكو أخرى من قلّة المبيعات وغياب الروّاد مقارنةً بالأعوام الماضية، معللة ذلك بأنه يعود لسبب الأوضاع المتدهورة في لبنان والمنطقة.

الإقبال الكثيف للأطفال على الكتب والقصص المخصصة لهم والنشاطات المتنوعة التعليمية والترفيهية للأطفال وطلاب المدارس كان مشجعاً هذا العام، غير أن هذا الإقبال نراه ضعيفاً عند جيل الشباب طلاب الجامعات. على سبيل المثال، يشير المسؤولون في أجنحة دار “العلم للملايين” ودار “الآداب” ودار “الحدائق” إلى ارتفاع نسبة مبيعات كتب الأطفال.

تتميز دار “الحدائق”، المتخصصة في إصدار كتب الأطفال، بانتقاء قصصها من إنتاج كُتّاب كبار في مجال الشعر والأدب، منهم جودت فخرالدين وحسن عبدالله ومحمد علي شمس الدين وزكريا تامر. تفخر هذه الدار بأنها “تحترم عقول الأطفال” وتقدّم لهم كتباً مميزة شكلأً ومضموناً؛ هادفة إلى رفع مستوى الطفل القارئ وعياً ولغةً. وتركز “الحدائق” على كُتب حازت على جوائز عربية، ككتاب جودت فخرالدين “30 قصيدة للأطفال” الذي نال جائزة أبو ظبي – “الشيخ زايد للكتاب”، وأُخرى أُعيدت صياغتها بطريقة تناسب عمر الأطفال وطلاب المرحلة الابتدائية.

في سياق متصل، حازت قصة “خلف الأبواب المغلقة ” للكاتب سماح إدريس نسبة عالية من المبيعات في دار “الآداب” للسنة الثانية على التوالي. كما تميّزت “المكتبة العصرية” بإصدار كتب جيب لطلاب المدارس تحوي طبعات جديدة من مؤلفات جبران خليل جبران.

من جهة أخرى، نلحظ طغيان الكتب الدينية على غالبية رفوف بعض الأجنحة. ولكن ما يثير الدهشة أكثر هو قول دار “العلم للملايين” إن الكتب التي حققت أعلى نسب مبيعات هي كتب تعليم الطبخ. وتوضح المسؤولة عن جناح هذه الدار أن مبيعات كتب الطبخ تبقى مرتفعة في كل موسم من معرض الكتاب، علماً أن الإقبال على المعرض كان ضعيفاً.

أما في دار “الساقي”، فتتنوع الكتب بين الفكر والسياسة والتاريخ والرواية، منها 52 عنواناً جديداً، أبرزها وأكثرها مبيعاً كتاب “الدولة الإسلامية” لعبد الباري عطوان. ويُلمح المسؤولون في جناح هذا الدار إلى أن المبيعات أفضل مقارنةً بالعام الماضي.

وفي جناح دار “الآداب”، تتنوع الكتب أيضاً بين الأدب والرواية وقصص الأطفال، منها 43 عنواناً جديداً، أبرزها وأكثرها مبيعاً “عشاق نجمة” لسلوى البنّا، “برتقال مر” لبسمة الخطيب، “عذارى لندنستان” لحنان الشيخ، “سيرة المنتهى” لواسيني الأعرج والرواية اليمنية “جدائل صعدة” لمروان الغفوري.

من جهة أخرى، تشكو دار “الكتب العلمية” من التراجع في المبيعات هذا العام، بسبب تدهور الوضع الأمني في المنطقة، خصوصاً أن معظم روّادها كانوا من الدول العربية وقد سُجّل غيابهم في موسم العام الحالي.

وعلى الرغم من إصدار دار “الطليعة – سوريا لـ35 عنواناً جديداً، تشكو الدار من أن المبيعات تراجعت إلى الربع مقارنةً بالعام الماضي، بسبب الأوضاع في سوريا ولبنان، لافتة الانتباه إلى أن الكتاب الأكثر مبيعاً كان “الحرب على سوريا لعثمان العثمان، الذي يُناقش فيه بداية الأحداث في سوريا منذ العام 2011، تطورها وانعكاسها على المنطقة.

فهل تلعب الأوضاع الأمنية المتردّية دوراً في تقليص أعداد القرّاء، أو انعدام الرغبة في المطالعة؟ لكن على الرغم من قلّة الوافدين إلى معرض الكتاب، فهو يُعتبر تظاهرة ثقافية مميزة. وبتجاوزه يوبيله الذهبي، اكتسب عراقة وترسّخ دوره الثقافي حتى صار ينتظره المعنيون بالشأن المعرفي والثقافي في لبنان والوطن العربي ويقصدونه، خصوصاً أن لبنان اشتهر بصناعة كتاب مميزة وكونه مقصداً للمفكرين والأدباء والكتّاب ليصدروا نتاجهم من مطابعه. وإنه من دواعي الفخر لبيروت أنها بصفتها هذه تضطلع بدوْر نشر الثقافة والوعي والتنوير في أرجاء الوطن العربي كله.

ــــــــــــــــــــــــــــ

السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى