معرض مسقط الدولي للكتاب: ندوة حول الأدب العربي في ميزان الترجمة

مسقط – العُمانية
نظّمت اللجنة الثقافية بمعرض مسقط الدولي للكتاب وبالتعاون مع جائزة بيت الغشام دار عرب الدولية للترجمة اليوم ندوة بعنوان “الأدب العربي في ميزان الترجمة” ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض في دورته الـ 28.
استعرض المشاركون فيها السمات التي تجعل من الأدب العُماني أدبًا عالميًّا عبر ثلاث روايات مترجمة، هي: “سيدات القمر” و “الطواف حيث الجمر” والجزء الثالث من ثلاثية بحر العرب وهي “رأس مدركة”.
شارك في الندوة كل من: الكاتبة والروائية الدكتورة جوخة الحارثية، والكاتب الدكتور يونس الأخزمي، والمترجمة سواد حسين، والمترجم الدكتور مبارك سريفي.
وتناولت الندوة أهم الموضوعات التي يهتم بها القارئ الأجنبي في الأدب العربي والأدب العُماني بشكل خاص، وقالت المترجمة سواد حسين إنها تترجم الأعمال التي تحتوي على قصة أو فكرة مميزة ما تجعلها تشعر أن تلك الفكرة أو القصة تعبّر عنها، إضافة إلى أنه من الضروري أن يقوم المترجم بترجمة الكتاب الذي يجد نفسه فيه ولا يعتمد في ذلك على ما يتم اختياره له للترجمة، لافتة إلى أنها تسعى من خلال ترجمتها في الأدب العماني لتطوير معرفتها حول مكنوناته.
وأضافت أنها وجدت خلال الترجمة أن اللغة الإنجليزية مختصرة الكلمات والمفردات، عكس اللغة العربية التي تحمل الكثير من المعاني والمفردات للكلمة لواحدة، ما يجعل المترجم يجتهد من أجل الحفاظ على روح النص، مع ضرورة أن يغوص المترجم في أغوار الكتاب ويستفسر من المؤلف عن كل صغيرة وكبيرة داخل الكتاب والابتعاد عن الأساليب المتطرفة، ما يُوجِد توازنًا بين الكاتب والمترجم، مشيرة إلى أن بعض الكتاب يهتمون فقط ببيع الكتاب ويتركون المترجم يغير ما يحلو له أثناء الترجمة.
من جهتها أكدت الكاتبة جوخة الحارثية أنه لولا الترجمة لما تمكنّا من الحديث عن عالمية الأدب بشكل عام، مشيرة إلى أقدم نص أدبي في التاريخ وهو “ملحمة جلجامش” التي كتبت بالسومرية وترجمت إلى ثلاث لغات على الأقل قبل الميلاد، ما يؤكد أنه رغم حداثة مصطلح الترجمة إلا أنه مؤثر ومنذ وقت طويل جدا ومتناقل بين مختلف الجمهور واللغات والتوجهات والثقافات؛ ما يجعل الأدب مشتركا على رغم اختلافات مجتمعاتنا الكثيرة، إضافة إلى أن الأهمية تكمن في كوننا كقراء نتفاعل من ثقافات مختلفة وأدب مختلف لما وجدنا فيه من قيم إنسانية وجودة فنية، فإذا كان الأدب العماني يتضمن هذه القيم وهذه الجودة وذلك المشترك الثقافي بينه وبين أدب أجنبي آخر ؛ إذن هو أدب يصح ليكون أدبا عالميا.
ووضّح الكاتب يونس الأخزمي أن الكاتب حين يكتب عن وطنه ومجتمعه ومحيطه فهذا دليل عبوره إلى العوالم الأخرى، وأن العمل بمجرد اشتماله على العناصر الإنسانية الموجودة في كل المجتمعات على الرغم من اختلاف ثقافاتها فمن الطبيعي أن يجد تقبلاً لدى الآخرين، مؤكدا أن هناك الكثير من الأعمال الأدبية العمانية التي تحمل عناصر معينة تمكنها من أن تصل للعالمية.
من جانبه بيّن الدكتور مبارك سريفي أهمية الالتفات والانتباه لأي أدب في العالم بشكل عام ومن أي ثقافة كانت، مشيرًا إلى أن الوطن العربي بحاجة لوعي ثقافي قوي للترويج للأعمال الأدبية، وأن العمل الأدبي – لتصنيفه بأنه أدب عالمي – يجب أن يشتمل على عنصرين أساسيين هما: المشترك الإنساني بين الثقافات وجمالية النص، وضرورة أن يجد المترجم الازدواجية بين الشخصيات بين العمل الأصلي والعمل المترجم، رغم أنه قد يواجه سقوطا لفكرة أو كلمة أثناء الترجمة.
وشملت الندوة تكريم عددٍ من المترجمين ضمن جائزة بيت الغشام دار عرب الدولية للترجمة التي تهدف إلى مد جسور المعرفة بين العالمين العربي والغربي، وبلغ عدد الأعمال المقدمة في فئة المؤلفين 127 عملا، وفي فئة المترجمين 12 عملا ضمن مختلف الموضوعات الأدبية كالرواية والقصة القصيرة والمجموعات الشعرية والسير الذاتية من مختلف دول العالم، وفاز بالمركز الأول في فئة المؤلفين عمل “موجز أنباء الهواجس” وهي مجموعة شعرية للشاعر إلياس السعيدي، فيما حاز المركز الأول في فئة المترجمين كتاب “ممر آمن” لجان دوست.
جدير بالذكر أن الجائزة تنقسم إلى فئتين: فئة المؤلفين وفئة المترجمين، وخصصت فئة المؤلفين من الجائزة للأعمال الأدبية غير المنشورة باللغة العربية، بينما خصصت فئة المترجمين للأعمال المترجمة باللغة الإنجليزية غير المنشورة للأعمال الأدبية المنشورة باللغة العربية، وحددت سنة نشر الطبعة الأولى للعمل الأدبي الأصلي لعام 1970 وما بعده تكريما لذكرى المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – الذي أنشأ العديد من الكراسي الأكاديمية المتخصصة في الدراسات الشرقية والإسلامية في العديد من دول العالم.