«مقاش» سهام أبوعواد… سيراوية الذاكرة الفلسطينية وشاعرية الألم

الجسرة الثقافية الالكترونية
*محمد خضير
المصدر / القدس العربي
تحوّلت جهة البوصلة الأدبية من الإشارة إلى شكل الألم الذي يحظى به الأسير الفلسطيني لدى جيش الاحتلال الصهيوني، نحو من يقضون الوقت انتظاراً وألماً خارج قضبان الأسر؛ حين تناولت الأديبة الفلسطينية سهام أبو عواد سيرتها الذاتية، وهي ابنة أربعة عشر عاماً، عندما اعتقلت والدتها وتحولت طفولتها إلى أمومة مبكرة، رسمت حكايتها داخل سيرتها الروائية «مقاش» التي صدرت عن دار دجلة في العاصمة الأردنية عمّان مطلع عام 2015.
تقول الكاتبة أبو عواد، إن الحكاية لم تولد اليوم؛ بل هي مخاض عمر طويل عاصر طفولتها التي انقلبت على براءتها حين نادتها أختها الصغيرة «مها» بكلمة ماما. لكن الصدفة التي أتت بها من عاصمة الضّباب إلى عمّان جعلتها تلتقي بعدد من الكتاب والأدباء الأردنيين، وصادف أن التقيتها واستمعت منها إلى جملة «كنّا نثبُ معاً لنتسلّقَ شبابيكَ البيوت، ليسَ فقط لأنّنا جائعتان؛ بلْ لهفةً في استشعار ذاك الدفء المقبل من خلف الجدران، فرائحةُ الطعام تعني أنّ هناكَ أمّاً داخل البيت».
فأخذتُ بيدها نحو توثيق الحكاية، فكان أن كشفت سهام عن وجهها الأدبي لتطل علينا كاتبة على قدر اللغة والشاعرية والأدب. وكان أن قدّم لها الشاعر الأردني ماجد المجالي بقوله: «ما ألمحه هنا وأصرّ عليه؛ هو تمام شروط الرواية المبدعة، وحضور الشاعرية التي ترسم تلك الصور المليئة بأدق أدوات رسم اللوحة، من خلال الكلمات المنبثقة من وجع الروح المتمردة على الجسد المعذب».
وحول عنوان السيرة الروائية «مقاش» تقول أبو عواد إن لسجون الاحتلال لغة خاصة يتناولها المعتقلون هناك، فكلمة «مقاش» هي مفردة يطلقونها على الطبق الذي يقدم عليه الطعام، وقد يكون أصل هذه الكلمة عربياً، بحيث ينسحب على ما صنع من القش. و»مقاش» كانت اختياراً موفقاً من أجل اختصار حكاية السجن ووضعها على طبق من ورق حتى يتناوله القرّاء.
ورغم أنها التجربة الأولى للكاتبة سهام أبو عواد؛ إلا أنها بدت ناضجة تماماَ، وأحيل ذلك إلى كونها قصة واقعية، كتبتها أبو عواد بحرفية وشاعرية، وقد حظيت الرواية بحفل توقيع ضم نخبة من الأدباء والمثقفين، كما رعاه وزير الثقافة الأردني الأسبق صلاح جرار، ضمن حضور ضخم احتضنه مسرح عمون للثقافة والفنون، كما أن الرواية تبنتها شركة إنتاج متخصصة من أجل تحويلها إلى فيلم سينمائي، وستترجم الرواية إلى العبرية والإنكليزية من أجل أن تصل الرسالة التي أرادتها الكاتبة.