‘ملكات سوريا’ يقفن على مسارح بريطانيا

تستضيف لندن مسرحية “ملكات سوريا” قبل أن تجوب جميع أنحاء بريطانيا، وهي اقتباس حديث للمسرحية اليونانية التراجيدية “نساء طروادة” وتؤدي أدوار الملكات ثلاث عشرة لاجئة سورية يمزجن تجاربهن في النزاع السوري والمنافي بالنص الإغريقي التاريخي، ويقدمن عملا فيه إسقاط تاريخي.
فالنساء السوريات المشاركات في المسرحية كن أشبه بنساء طروادة في نص مسرحي لليوناني بوربيدس اللواتي عانين ويلات الحرب، فمصير النساء متشابه رغم اختلاف الأزمنة، وهن في الاغلب ضحايا النزاعات.
وكان العرض الأول لـ”ملكات سوريا” في العاصمة الأردنية عمان عام 2013، ووفق ما أوردت بي بي سي هذا أول إنتاج عربي (مترجم)، يعرض على الجمهور البريطاني قصص لاجئات سوريات، ويقدم آثار النزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان.
ويقول ديفيد لان مدير مسرح يونغ فيك بلندن لبي بي سي “لقد أنتجنا الكثير من العروض على هذا المسرح، ونحن في عروضنا أن نبرز العلاقة بين المسرح والواقع”.
تشارك في هذا العرض الممثلة شام، وهي صيدلانية كانت لديها أربعة أطفال، وتعيش حياة طيبة في العاصمة السورية دمشق، ومع انزلاق البلاد للحرب الأهلية، كانت وزوجها المهندس المعماري ضمن الملايين المشردين الفارين، بحثاً عن الأمان.
وتقول شام: “كانت لدينا حياة جميلة، وبيت جميل جداً وكل شيء كان جيداً، ثم فقدنا كل شيء وأتينا للأردن، وليس بحوزتنا شيء وبدون عمل وليس لدينا ما نفعله”.
عشرة من طاقم العمل في الإنتاج البريطاني، كانوا في المسرحية الأصلية بالأردن، وإحداهن، ريم، ستظهر على المسرح مع والدتها. وتقول ريم “ليس بيننا ممثلات، ولم تحلم أي منا بأن تكون ممثلة – لذلك كان غريباً علينا عمل ذلك”.
وعن اللغة التي تتحدث بها المشاركت تقول ريم “ربما لا يتحدث جميعنا الإنجليزية، ولكن يمكن فهمنا من خلال لغة المسرح الدولية فالناس بحاجة لفهم أننا ناس مثلهم، كانت لدينا بيوت وعائلات وشوارع وأحياء وجامعات، وفقدنا كل ذلك بسبب الحرب”. وتأمل ريم في أن تساعد المسرحية في مكافحة سوء الفهم بأن الناس الذين يعيشون في المخيمات “ليسوا متعلمين أو عاملين”.
وتضيف قائلة “كنت أدرس الهندسة بجامعة دمشق، ولقد أجبرت على مغادرة سوريا بسبب الحرب، وفي الأردن، لم يكن لدي أوراق رسمية ولا عمل، وكان ذلك حال أبي، وهو محامٍ، فقد فقد كل شيء، إذ احترق مكتبه”.
وتخرج الرؤية البريطانية للمسرحية زو لافرتي، التي ركزت في أعمالها السابقة على النزاعات، وعدم توازن القوى السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان.
وتقول “إنه ليس أمراً سهلاً أن تأخذ بعض أكثر التجارب الإنسانية التي مررت بها، وتتحدث عنها على المسرح”. وتضيف “خلال الإنتاج الأول للمسرحية، كانت النساء قد خرجن للتو من سوريا، والتجربة حديثة جداً، وقد مر على ذلك الآن عدة سنوات، والزمن يسمح لنا باستدعاء بعض الذكريات الأكثر سعادة عن سوريا، واكتشاف ما يعنيه كونك لاجئاً، حيث إنهن يعشن هذه الوضعية منذ ثلاث أو أربع سنوات”.
وتتابع “ولقد أصبحت لديهن فرصة ليتحدثن عن آمالهن في المستقبل”، وتعتقد لافرتي أن التراجيديا الإغريقية القديمة ما زال صداها يتردد بعد نحو 2500 سنة من كتابتها؟. وتجيب: “إنها حكي نسائي، ونحن دائماً ننسى الرواة النساء عندما نتحدث عن الحرب، وأعتقد أن أفضل شيء حدث في هذا الأمر، أنه يتيح مساحة لمعرفة ما حدث للنساء، فالتراجيديا القديمة وضعت مرآة أمام المجتمع حينئذ، وآمل أن تضع المسرحية المرآة أمام المجتمع الآن”.
وستتجول المسرحية بعد عروض لندن في أوكسفورد وبرايتون وليفربول وليدز وإدنبرة ودورهام، وتنتهي الجولة في مسرح نيو لندن في الويست إند بالعاصمة البريطانية في 24 يوليو/تموز.
(ميدل ايست اونلاين)