مناراتُ حبٍّ

- العافية… نعمة وافية - 2024-12-02
- المدرسة مؤسسة تربوية تعليمية - 2024-09-03
- مناراتُ حبٍّ - 2024-07-29
كم هي جميلة تلك اللحظة التي يسمعك فيها من تحب! وكم ينبض القلب فرحًا لإنصاته لك واهتمامه بك! وكم يغمر النفس انشراحًا وبهجة، لأن من أمامك مقبل عليك ومعك بعناية واهتمام! فالواحد منا لا يريد سوى العيش في أحسن حال، مطمئن البال، في مكان يجد فيه الاحتواء والتقدير والاحترام وحسن الخصال، فمثل هذه المواقف تبعث الأمل، وتبعد الملل والكلل، وتحارب اليأس والكسل، فتفيض من جنباتها ينابيع الخير والعطاء. فالإنسان يعيش أيامه في تعبٍ ونصب، بين مطرقة العمل وسندان ظروف الحياة، بحلوها ومرها، منذ شروق الشمس حتى غسق الليل، ومحطة الراحة نوم هادئ على سريره، ونفس هانئة بطيب سريرة، تجد مبتغاها في حوار دافئ، وكلام طيب يزيد الثقة في خلجاته.
مر بي خلال محطات حياتي أناس يعيشون بحماس وانطلاق، ويسعون لتحقيق أرقى الأهداف الحياتية. ويشيعون النفع والفائدة؛ لأنهم في بيئات تغمرها الإيجابية بالمعنويات، من سياقات الحديث، وكلمات التعزيز، فهي الداعمة لهم للاندفاع نحو النجاح، وهذا، لعمري، نِعم الربح والمكسب. فنفس طيبة نقية صافية، ترتوي بالحب الغامر، والجمال العامر، هي غاية المنى.
ولو تأملنا كم يكلفنا هذا لنكون لغيرنا محطة وقود، يصيب منا قوة وحيوية، وننعش ذواتًا أثقلتها الحياة بالكد، وادلهمت عليها الخطوب بالكدر والقهر، لأدركنا معنى إنسانيتنا، وغاية خلقنا. ليت شعري لو عرفنا قيمة الوقت الذي نقضيه مع من نعيش! وكم هو رائع جدًا أن نعيش بمنطق اللقاء الأخير، فندرك أن من نصادفهم ونعيش معهم سيكونون شهداء علينا في هذه الأرض التي لن نبرح فيها عمرًا، وسينقضي بنهاياتنا الحتمية التي لابد لنا منها! فالحياة لن تدوم لأحد، ومصيرنا واحد، كلنا إلى الله عائدون.
فلنكن سحابات مزن تمطر ماء الارتقاء والارتواء، لنجدد العهد مع كل من حولنا؛ القريب منهم والبعيد، والبسيط منهم والأريب، فنحن اليوم ندب على الأرض، ونمشي في مناكبها، نحن اليوم أحياء نحيي القلوب بالخير، وبركة العمر، فلنعزم منذ اللحظة على أن نكون منارات حب يهتدي بها العباد، ويصل نورها إلى أعماق الأعماق، فتترك فيهم أثرًا جميلًا، ومعنًى جليلًا.
وليقل عنا كل من عرفنا، أو عاش معنا: (كان نعم الإنسان، كان نعمة الزمان والمكان، لم نر منه إلا أثرًا جميلًا، وعملًا نبيلًا). بذلك كله، نكون قد حققنا رسالة عنوانها السلام، وسطورها الأمان، وحروفها الاحترام، ومعناها نشر الوئام بين الأنام.
**المصدر: جريدة”العرب”