منتدون يعاينون مفهوم التكفير في التيارات المغالية وانعكاسه على الحقول الثقافية

الجسرة الثقافية الالكترونية – وكالات -ضمن فعالياتها الثقافية في مهرجان جرش للثقافة والفنون 2014، المصاحبة لاجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب (28)، أقامت رابطة الكتاب الأردنيين، بالتعاون مع مؤسسة عبد الحميد شومان، الندوة الفكرية (الثقافة والتكفير)، وذلك يوم أمس، في المركز الثقافي الملكي.
وتتضمن الندوة جلستين، الأولى حملت عنوان: «الإطار النظري: مفهوم التكفير في الأدبيات والتيارات المغالية وانعكاس ذلك على الحقول الثقافية (الآداب، الفكر، الفنون)»، ورئسها د. أحمد ماضي، الذي أكد أن الاختلاف والتعددية من المبادئ التي لا يجوز التفريط بها أو التقليل من شأنها، مؤكدا أن «الإسلام في جوهره بعيد عن الإلغاء والتهميش وتجاوز الآخر كما تمارسه بعض الجماعات المتطرفة هنا أو هناك». لافتا النظر إلى أن أحد الحلول الناجعة في مواجهة ظاهرة التكفير هو نشر ثقافة التنوير وبخاصة الديني منه عبر المؤسسات المعنية كافة.
تاليا قدم الكاتب العُماني خميس العدوي، رئيس الجمعية العُمانية للأدباء والكتاب، ورقة حول الإطار النظري لمفهوم التكفير عبر ثلاثة محاور، هي: النشأة السياسية للفرق المتعددة، والانبعاث الإسلامي ومدرسة الإصلاح، والتبني السياسي لظاهرة العنف والتطرف.
ومن ثم قدم رئيس اتحاد الكتاب العرب بدمشق د. حسين جمعة ورقة وقف من خلالها على معنى مفردتي الثقافة من جهة والتكفير من جهة أخرى، ومن ثم على (ثقافة التكفير)، بما تمثله من تهميش وإلغاء وإقصاء وقتل وغيرها من المفردات للآخر، ليبين بعض أسبابها، من مثل: السلطان وطلبه والتمسك به وطلب المال والشهوات، وسياسات الحكومات القاصرة، الاجتهاد والتاويل.
ومن ثم قدمت الدكتورة حياة الحويك عطية مداخلة افتتحتها متسائلة: ما الذي يقود الناس إلى التكفير؟ ما الذي يقود هذه الكتائب من البشر (وبخاصة الشباب) إلى تعطيل العقل والقيم الإنسانية؟ لتؤكد تاليا أن الحركات التكفيرية في البلاد العربية كسرت هيبة تلك الدول وجيوشها موهمة المواطن أن لا حماية له أو عدالة في كنف تلك الدولة وهو ما تؤمنه له، بيد أن الحقيقة على أرض الواقع مختلفة تماما».
وتحت عنوان «نقد اللاعقل المقدس» كانت مشاركة د. هشام غصيب/ رئيس الجمعية الفلسفية الأردنية، وقال فيها: «بيت القصيد في مسألة ثقافة التكفير هو العقل بمعناه الجمعي التاريخي. فالأفكار في ثقافة التكفير تحنط وتختزل إلى أصنام مقدسة أو مدنسة توضع خارج نطاق التفكير، أي التحليل والنقد والفحص والشك»، ليضيف تاليا: «لكن أخطر ما في اللاعقل المقدس هو نزوعه صوب تنميط البشر ونفي الفرد والوطن وانسانية وتأكيد الملة والقطيع وتشيئ الإنسان».
وتحت عنوان «العقلانية والحوارية في الفكر الإسلامي»، عقد الجلسة الثانية من الندوة، وترأسها: د. زيد حمزة، وتحدث فيها د. عبد السلام العبادي، حيث أكد أن التكفير  موجود في شتى المذاهب والفرق، بيد أن المغالاة في التكفير هو ما يجب الحديث عنه، لافتا النظر إلى «رسالة عمان» وما تتضمنه من قيم إنسانية نبيلة في مواجهة هذه الظاهرة.
ودعت الباحثة الكوتية د. أمل عبدالله إلى إيجاد خطاب عقلاني موحد، على الرغم من التحديات التي تواجه ذلك في الوطن العربي، مؤكدة في هذا السياق أن الانتماء لا يكون لجزب أو جماعة على حساب الوطن، وضرورة القضاء على البطالة والفقر والتهميش وإقصاء الآخر بناء على انتماء طائفي أو مذهبي.
من جانبه رأى د. أسعد السحمراني، من لبنان، أن التحديات التي فرضتها أجواء الغلو في الأمة العربية والعالم الإسلامي لها أسباب كثيرة، منها: الجهل، والفهم المغلوط للدين، والفقر، والظلم، والتهميش، مؤكدا أن الدواء الناجع لمواجهتها هو امتلاك قوة العقل الرشيد بعد العقل الحكيم وقبلهما العقل الوازع والعقل المدرك والمفكر».
واختتمت الندوة بمشاركة للدكتور الصادق الفقيه/ أمين عام منتدى الفكر العربي، الذي أكد أن لا خلاف بين العقل والتدين، حيث يعتبر العقل واحدا من اشتراطات التكليف، فكل مقدس، في الديانات السماوية كلها، يشترط العقل للانتماء إليه والتكليف به، فـ»العقلانية أساس وممهد لكل إيمان».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى