مهرجان مسرحي مصري دعماً للفرق المستقلة

رحاب عليوة

اختتم مهرجان كيميت المسرحي دورته الثالثة على خشبة مسرح أوبرا ملك التابع للبيت الفني للمسرح وسط القاهرة، وهو المهرجان المخصص للفرق المستقلة وفرق الجامعات باسم «فرق بلا مكان».
تقدم لمهرجان كيميت في دورته الأخيرة أكثر من 100 فرقة، تأهلت منها للمرحلة النهائية عشر فرق قدمت عروضاً متنوعة تثبت قدرة ذلك المهرجان على تسليط الضوء على مواهب شابة استطاعت أن تعالج قضايا وإشكاليات مهمة بأقل الإمكانات وفي إطار الهواية، فالمشاركين بغالبيتهم لم يتلقوا التعليم الأكاديمي للتمثيل، فيما أصقل بعضهم موهبته عبر ورش تمثيل.
بعرض قصير لا تتجاوز مدته 20 دقيقة، انطلق المهرجان داعماً قضايا الصم والبكم داعياً إلى دمجهم في المجتمع بصورة طبيعية عبر تعلُم لغة الإشارة على نطاق واسع، وجسد العرض الذي قدمته فرقة من الصم والبكم الضغوطات النفسية التي يتعرض لها ذوو الحاجات الخاصة في مجتمع يسخر منهم عبر مشهد مكثف يحاول فيه أصم أن يسترشد من أصحاء عن الطريق فيواجه بالسخرية ويعامل كمتسول. ضم العرض مترجم إشارة غير أنه خصم من رصيد العرض الذي لم يكن في حاجة إليه اتساقاً مع هدفه وتدعيماً له.
فاز بالمركز الأول العرض المسرحي «انسوا هيرستورات كي تنال الخلود» بناءً على تقييم لجنة التحكيم كما حصد جوائز أفضل مخرج وممثل شاب ودعاية. يدور العرض حول هوس الشهرة بقصة تجرى حوادثها في العصر الإغريقي حول «هيرستورات» الذي حرق معبد الآلهة ثم حاك خططاً متداخلة من أجل أن يصل بمذكراته التي كتبها خلال توقيفه إلى العامة بهدف أن يخلد في التاريخ انطلاقاً من فكرة «التاريخ قد ينسى من بنى المعبد لكنه لن ينسى من أحرقه».
ربطت الناقدة الشابة منة مختار بين هوس الشهرة في صورته الأولى والهوس الحالي بفعل مواقع التواصل الاجتماعي التي تمنح الشهرة في كثير من الأحيان لمن لا يستحق في قراءة نقدية للعرض، إذ يتميز مهرجان كيميت بالسعي نحو إصقال موهبة ومنح خبرة ليس فقط للممثلين الشباب لكن للنقاد أيضاً، إذ يحضر الحفل فريق من النقاد الشباب يتولون نقد العروض ثم تنشر على صفحة مسرح «أوبرا ملك» على مواقع التواصل.
فيما فاز بالمركز الثاني عرض «فأران في المصيدة» الذي يعالج إشكالية صناعة الديكتاتور وما إذا كان المحرك فيها الديكتاتور ذاته أم خضوع العامة أم قوة ثالثة تتلاعب بالأوراق كلها. يدور العرض حول شخص في وضع مزرٍ لكنه يسعى نحو السيطرة، وما أن يجد شخصاً آخر حتى يحاول أن يخضعه ويجبره على صناعة أشخاص من خشب يمارس عليها ديكتاتوريته باعتبار «ألا يوجد إله دون عبيد» وهي العبارة التي سيِقت على لسان بطل العرض الذي يظهر فيما بعد أنه والآخر لم يكونا سوى فأرين تتحكم فيها قوة أخرى.
علقت كريمة محمود في نقدها للعرض «هو قضية فلسفية وسياسية وجدت منذ قدم التاريخ مروراً بأشهر المسرحيات المصرية التي قدمت قضية مشابهة لتيمة الحاكم والمحكوم للمبدع «يوسف إدريس» ومسرحيته «الفرافير» على سبيل المثل، واستمرار هذه القضية حتى الآن، ولم تعلم شعوب العالم المحكومة إلى أي حاكم سينتهي بها الأمر!».
فيما فاز بأفضل عرض جماهيري «أوسكار والسيدة الوردية» الذي يدور حول معاناة طفل مع مرض السرطان طارحاً خلاله أسئلة فلسفية عدة حول المرض والحياة والموت، والعرض مقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه.
طُرحت قضية التشرد أيضاً عبر عرض «ورد بينزف ريحة الموت»، وكتبت عنه نور إسماعيل: يحتوي العرض على عدة لوحات تكاد تكون مختلفة، لكنها تضافر من أجل توضيح معاناة الإنسان المشرد الذي تقتصر كل أحلامه على وجود بيت وأهل دفء، ولكنهم يعلمون دائماً أن هذه الأحلام ما هي إلا مجرد أحلام وذلك من خلال تكرارهم الدائم لـ «كل سنة وإنت محروم».

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى