ناس الغيوان: خطاب الاحتفالية الغنائية

صدر حديثًا عن دار الأمير في فرنسا / مرسيليا كتاب “ناس الغيوان.. خطاب الاحتفالية الغنائية” يقدم فيه الكاتب والمترجم المغربي عبدالله الحيمر إحاطة شاملة عن المرجعية النصية والتاريخية للاحتفالية الغنائية في المشروع الموسيقي والحضاري، لمجموعة ناس الغيوان في المغرب العربي. وعن العلاقة الصوفية والبعد الطربي والثوري والإيقاعي في أغانيهم. وفتح أسئلة كبيرة حول الغيوانية، ودورها في التوعية، ودورها في المسرح، ودورها في الاحتفال، ودورها في بناء ذوق تراثي حداثي في زمن الجمر والرصاص في المغرب.
يقدم الكتاب تحليلًا جديدًا لمفهوم الاحتفالية الغنائية عند ناس الغيوان، في خطابها الديني والوضعي. ويقدم خصائص محاورها في الهوية والنسق الاجتماعي والطقوس. يقول الكاتب في هذا الصدد: “صرخوا صرخة الاحتفالية الغنائية؛ ليعيدوا التوازن النفسي لمخيلة شعب بأكمله. كسروا حاجز الصوت، بالحكمة والكلمة الموزونة، وبالإيقاع الشجي، كانوا منارات تهتدي بها الطبقة المهمشة والمسحوقة في ظلمات الروح، وتكسر الأفق المسدود، وتزرع بذور الأمل والفرح في جسد الذات المغربية. فتحوا أبواب الاحتفالية الغنائية نحو نداءات المستقبل المؤجلة”.
والكتاب رحلة معرفية (في أكثر من 275 صفحة من القطع المتوسط) تضع القارئ والباحث، أمام روح فرقة ناس الغيوان، وتجيب عن النغمة المغربية في صيرورتها التاريخية المعاصرة. ويقدم بحثها عن المعادلة الموسيقية للإنصات للذات المغربية، التي وجدته في الشعر الشعبي الزجلي الصوفي الشعبي. وكان لها دور في الإجابة عن السؤال المعرفي، كيفية تشكل الهوية المغربية – العربية. فخرقت هذه الموسيقى الشعبية التي فخخت بمدن حكماء مدن الصفيح، وفكت هذا الحصار والانعزال الوظيفي والنفسي والاجتماعي والروحي، الذي ضرب على الذات المغربية المهمشة من طرف سدنة الحداثة الملتبسة. فكان خطاب الاحتفالية الغنائية عند مجموعة ناس الغيوان، الظاهرة الحداثية الموسيقية، التي لم تمثل قطيعة مع الممارسة الفنية للتراث الشعبي المغربي، بل خلقت جسرًا تواصليًا معه، ونقحته بروح العصر، دون القطيعة الأبستمولوجية معه. وقصدت تغييرًا ثوريًا بالحضور والتّأثير والفاعليّة في التّراث، دون التجرد من المضامين الكبرى لهذا التراث القولي الشعبي المغاربي.
القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى