هدى ديبان.. امرأةٌ من خزفْ

الجسرة ( خاص )

 

لو كان عندي نافذةْ
كنتُ سأتركُ الفجرَ يدخلُ روحَكْ
ليكتبَ فصلاً من سيرة الضوء
لو كان عندي مئذنةْ
لرتّلتُ اسمكَ ترتيلاً
لو كان عندي درجْ
لصعدتُ غفوتَك ونمتُ قربَ زنبقةٍ
نَبَتَتْ في منامِكْ
لو لم تتركِ النهرَ وتمضي
مالحقتْ بك صرخاتُه…. شلالاتْ
لو لم أحفظِ السرَّ
لخرجَ ظلُّك من البئرِ
ومشى كالحصان
لو كنتُ في القدسِ
لسرقتُ حجراً قديماً من سورِ قلبِكْ
ورفعتُ به بابَ قلبي في دمشق
لو كنتُ ساعي بريدِ السماء
لجئتُكَ برسائلَ عشقٍ
وقلتُ لكَ اقرأْ
اقرأْ باسميَ الغافي على قلبِكْ
فأكونُ قِبلتُكَ، لترفعَ روحَكَ في غيابي وتدعو لي
لو كنتُ لكْ
لنامتْ الحربُ قليلاً
وفَرَّ الجنودُ إلى البراري
لو كنتَ لي
لكنتُ نافورةَ الجامعِ الأموي
وماذا بعدْ؟
هل تضعُ يدَك على قلبي لينمو وترٌ في الكمنجة؟
هل تضعُ يدَك على وجهي
ليصبح وجهي أعمقَ من ترابِ الجنة
هل تلفّ خصري برقصةِ حجلٍ ؟
فتفنى مجرَّاتٌ وتصحو أخرى
هل أبكي على بابِ قلبك؟
فتغرقَ في كأسي وأشربُ نخبَ محارةٍ في قاعِ حزنِكْ
هل ترافقَني في نزهةٍ على ظهرِ السلحفاة؟
فنفوزُ بكأسِ التثاؤبِ من كسلٍ في العاطفةْ
هل أموتُ قبلك؟
فتكونَ شاهدةَ روحي وتكتبَ تاريخَ بوْحي على رُخامةِ صمتكْ
هل تموتَ قبلي؟
فأدفنُكَ في علبةِ الموسيقا
وتكتفي الناياتُ بالمشي خلف الجنازةِ في مقامِ الهوى
ثم ماذا بعد؟
هل نتأرجحُ على الحبالِ كالبهلوانْ ؟
كلما سقطَ قلبُهُ في الهواء
التقطَهُ طيرٌ مهاجرٌ إلى سماءٍ أخرى
كيف التقينا في بلادٍ ضيّقةٍ كالكفنْ؟
ونَمَتْ أحلامُنا كالأعشابِ الطويلةِ في المقابرْ؟
كيف أضعنا فرصةَ الاختباءِ في دعاءِ الأمهاتْ؟
وعلَّقنا الحنينَ قرْطاً في أُذنِ الغابةِ الباردةْ
ينقرُهُ الغرابُ كلَّما زفّتِ الذكرى على أكتافِنا
فهل ننامُ مطمئنينَ تحتَ سقفِ البلادْ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى