همسة ود.. هل كل الأزواج يستحقون؟

غابرييل غارسيا ماركيز، من أشهر الكُتاب في كولومبيا، قضى شهورًا من عمره في إعداد روايته «مئة عام من العزلة» ، وهذه الرواية من أكثر الروايات المقروءة والمُترجمة للغات أخرى. وبعد إتمامها، ذهب هو وزوجتُه إلى البريد لإرسال الرواية، لكن المبلغ الذي كان معه لم يكن يكفي إلا لإرسال نصف الرواية، ولم يكن هو وزوجته يمتلكان ما يتم بيعه إلا ماكينة الطباعة اليدوية الخاصه به وخاتم الزفاف!
اختلف ماركيز مع زوجته، فهو يريد رهن الماكينة وهي تريد رهن الخاتم، وفي أحد الأيام استيقظ ليرى أن زوجته قد رهنت خاتمها، وأرسلت النصف الآخر من الرواية، هذه الرواية التي حققت بعد شهور إيرادات عالمية، وتمت ترجمتها إلى أكثر من لغة، وبيع منها أكثر من 8 ملايين نسخة، وفي عام 1982 نال عنها جائزة نوبل للآداب!
وقوف الزوجة مع الزوج ينقذ حال الأسرة ككل، ووقوفها إلى جانبه في الأزمات المالية يكون له مردود كبير على حياتهما ويشكل دعمًا كبيرًا وقوة إضافية لتجاوز العقبات، ولكن عند تخلّي الزوجة عن زوجها تكون خسارته أكبر، ولا يستطيع الزوج نسيانه حتى بعد مرور السنوات، فالاختبار الحقيقي لمتانة العلاقة يكون بتجاوز المحن معًا.
أحيانًا يتعرضُ الزوجُ لأزمات في حياته قد تكون أزمات مالية أو تهديدًا في استقرار عمله، أو تعرضه لظلم في بعض أمور الحياة، حينها يكون للزوجة دور في دعم زوجها والوقوف بجواره فمع الأزمات يظهر معدن الزوجة وأصلها، وعدم التخلي عن الزوج في أوقات الضيق والأزمة، ويكون عليها الصبر والتحمل، وأن تكون عونًا وسندًا له، بل إذا استطاعت أن تساعده -خاصة مع الأزمات المالية- فلتساعدْه للخروج من الأزمة، و يمكن أن تقتصد وتقلل نفقات الأسرة، بتدبير ما يمكن ليتخطى زوجها أزماته المادية، فوقوف الزوجة إلى جانب الزوج في المشكلات سيكون له أثر إيجابي على مستقبل العلاقة بينهما وعلى الأبناء، خصوصًا في الحالات التي لا يجد الزوجُ فيها من يقف إلى جانبه ويدعمه، فعلى الزوجة دور مهم للغاية وهو الدعم النفسي، وهذا ربما يكون أهم عن طريق تقويته وتذكيره بالصبر والرضا. وعليها نشر حالة من الهدوء في بيتها والاستقرار والقناعة وتذكير أسرتها بمن هم أقل حالًا وأكثر مُعاناة وتذكيرهم بالنعم التي يملكونها بمنة من الله، فعندما يجد عند زوجته القلب الحنون الذي يستمع إليه ويحن عليه دون أن تجادله، حينها تكون كلماته الطيبة التي يرددها على مسامعها باستمرار، لأنها وقفت معه، فيحاول دائمًا أن يعوضها قدر استطاعته.
فالحاجةُ ماسةٌ لتعاون كلا الزوجين للقيام بتحمل أعباء الحياة المتعددة، وهذا يتطلب قدرًا كبيرًا من تفهم الزوجة، فإن الحاجة ماسة لتعاونهما للقيام بتحمل أعباء الحياة المُتعددة، ولكن هل كل الأزواج يستحقون هذا الجهد من الزوجة؟.

mozalmalki@hotmail.com

**  المصدر: جريدة”الراية” 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى