3 باحثين يعاينون جدلية التراث الإسلامي بين الشرق والغرب

الجسرة الثقافية الالكترونية-الخليج-

استدعت ندوة “التراث الإسلامي الذي لم يكتشف بعد” التي نظمها معرض الشارقة الدولي للكتاب مساء أمس الأول في قاعة الاحتفالات في إكسبو الشارقة كثيراً من العلاقات المشتركة بين الشرق والغرب في جانبها الثقافي والحضاري، كما كشفت عن حجم ما قدمه العرب والمسلمون للحضارة الإنسانية من علوم وفلسفات، انعكست في فترة النهضة الأوروبية الوسيطة، وقد اتفق المنتدون على أن التاريخ الحضاري للشعوب شهد حقبا من المد والجزر، وأن من الغبن الركون إلى عقلية المؤامرة في توصيف ما وصل إليه الواقع العربي من تراجع ثقافي، بل كانت هناك فترات جميلة قدمت مثالا ناصعا على التثاقف والتعاون وتبادل الخبرة والرأي .

شارك في الندوة كل من: الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة المصري السابق، ود . علي إبراهيم النملة- باحث سعودي ووزير العمل في المملكة سابقا، والمستشرق البريطاني تشارلز بورنيت، وأدارها الباحث والوزير السوري السابق د . رياض نعسان آغا . . وحضرها محمد بن ركاض العامري مدير عام معرض الشارقة الدولي للكتاب، وهشام المظلوم مدير إدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام، ونخبة من المفكرين والمثقفين .

ومن واقع تجربته في الغرب وألمانيا على وجه الخصوص ومتابعته لجهود المستشرقين هناك، اعتبر د . النملة أن هناك إسهاماً جيداً لدور المكتبات الأوروبية ثم الأمريكية التي حفظت أجزاء من التراث العربي وحققته وصنفته غير أنه أكد أن مخطوطاتنا العربية لا تزال معرضة للسرقة والهجرة من مكان لآخر، وأن الجهد العربي المبذول في هذا السياق لا يزال ضعيفاً، وقال على العرب ومن خلال المؤسسات الثقافية والدوائر المعنية أن يبذلوا جهدا أكبر في العناية بالمخطوطات والوثائق، وأن يكفوا عن التفكير بعقلية المؤامرة التي ترجع أسباب تراجعنا للغرب الاستعماري .

في السياق ذاته انتبه د . النملة إلى الجهد الذي بذله المفكر العربي ادوارد سعيد سيما في مجال الاستشراق، والصبغة الاستعمارية التي ركز عليها سعيد، معتبرا أن حصر الاستشراق في هذا المجال، ليس دقيقا وأن هناك جهوداً أوروبية استشراقية قدمت الكثير من الإضاءات الثقافية والعلمية التي يجب التوقف عندها .

وقدم المستشرق البريطاني بورنيت، مداخلة قيمة أشار من خلالها لفضل الحضارة العربية والإسلامية على الغرب، وقدم مثالا بفردريك الثاني حاكم صقلية الذي كان مبهورا بالثقافة الإسلامية، فزار القدس والأديرة في بلاد الشام، وعثر على الكثير من الوثائق في علوم الفلك والفلسفة والأديان، وهو الذي صبغ الشرق بصبغة المجتمع متعدد الأديان، وانعكس ذلك في الترجمات والاكتشافات العلمية التي نقلت للغرب الشيء الكثير، كما أشار بورنيت لمرحلة الخليفة عبدالرحمن الثالث في الأندلس، التي شهدت فترة تتميز بالرقي الحضاري وأسست لحراك فكري مهم في إسبانيا وأوروبا بوجه عام .

وقال د . صابر عرب “إننا بصدد قضايا تاريخية لا يصح أن تخضع دائما لعقلية المؤامرة، وأننا كعرب يجب أن نتعامل مع هذا الجانب بروح سمحة، سيما وأننا قدمنا للحضارة الإنسانية والأوروبية على وجه الخصوص خدمات أثرت النهضة الأوروبية الوسيطة في مجال الطب والفلك وهو ما انعكس في النهضة الأوروبية الحديثة حتى مشارف القرن الرابع عشر التي شهدت فيها بلدان حوض المتوسط من البندقية وفلورنسا وجنوة الكثير من الحراك الثقافي والتجاري بين الشرق والغرب، كما شهدت الوثائق والمخطوطات اهتمامًا من جانب الإيطاليين الذين قاموا بحراك في نقل بعض العلوم والمعارف العربية .

في السياق ذاته نوه د . صابر عرب بالأثر الكبير الذي تركته الحضارة العربية في الأندلس “التي وصفت بأنها منارة حضارية وفكرية في العالم، سيما بعد القرن العاشر، وهو الذي انتقل إلى الشرق من خلال إيطاليا تلك النافذة البحرية التي استفادت من علوم الشرق العربي فترجمتها وأفادت بها دول العالم كافة” .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى