32 مصوراً «يضيئون» حرفاً قديمة في «معرض كاميرا»

سامر سليمان

سعى 32 مصوراً فوتوغرافياً لمحو آثار الزمن وإعادة الحياة إلى حرف قديمة وفولكلورية تراثية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، همشت وأهملت، وجافاها محترفوها، حتى أضحت مهددة بالانقراض.
عانى أصحاب هذه المهن تهميشاً وإفلاساً عقب قرون من التوهج والثراء، فاضطر أكثرهم لأن يقلصوا نشاطهم أو يغيروه طبقاً لمقتضى الحال، غير أن بعض هذه الحرف واجهت تحديات الزمان والتغيير، مواصلة صمودها على رغم رياح التغيير وسوء الحالة الاقتصادية، محتفظة بجزء يسير من مريديها.
صالت عدسات كاميرات الفنانين المشاركين في «معرض كاميرا» وجالت، بين الحارات القديمة، والشوارع العتيقة، مخترقة الأزقة والدروب الضيقة التي ما زالت رائحتها تعبق بالماضي، في رحلة فريدة بحثاً عن ورش ودكاكين قديمة ومحلات مغلقة بأقفال صدئة، في محاولات عدة لإعادة فتحها ولو من أجل لقطة فريدة أو صورة يحفظها الزمن.
ونجح عدد من المشاركين في إقناع عدد من أصحاب الورش في تجاذب أطراف الحديث وسرقة لقطة إبداعية، أو أكثر أعادت صياغة الحوار ونقاشاته المتعددة لحالة بصرية جمالية وثقت فعلاً فنياً.
يأخذ المعرض جمهوره في رحلة يطل برأسه فيها محلقاً محتفظاً بتواريخ وتراث وفنون وخليط أشياء وذكريات تخرج من بين جنبات اللوحات التي رصدت فيها عدسات الفنانين كثيراً من التحولات الثقافية والسياسية والديموغرافية التي طرأت على الإسكندرية. وقد أظهرت أعمالهم صراعاً خفياً مشتعلاً ما بين الهوية الحضارية الساكنة والتكنولوجيا وآلياتها وفضاءاتها المتحررة التي همشت وقلصت، بل أهلكت عدداً من الحرف.
من اللقطات التي جذبت انتباه الجمهور صور صناعة الكليم والخوص والأقفاص والخزف والحدادة، والأخيرة من أهم المهن التي ما زالت صامدة على رغم التحديات، بل إنها لعبت دوراً في تطور الحياة الاقتصادية المصرية. إضافة إلى صناعة سروج الخيل وهي من المهن التراثية المميزة المفعمة بالثراء الحضاري الإسلامي والعربي وأصبح عدد صناعها يعدون على كف اليد الواحدة.
ومن الحرف التي انقرضت أو كادت، صناعة الأختام وكتابة الأمهار. ويقوم فيها الحرفيون بحفر الأختام والكليشيهات لأناس معنيين، كالكتّاب والمشايخ والقضاة، وعمد الأحياء والتجار. ومع انتشار التعليم قاربت هذه الصنعة الاندثار. ومن الحرف كذلك صناعة السبح والخيامية والدق على النحاس، وقد ترك كثير من الصناع المهرة هذه الحرفة وعمدوا إلى أعمال التجارة بتحف النحاس الفنية
ومن الحرف التي اختفت أو كادت تختفي، الإسكافية ومسح الأحذية.
لم يهمل الفنانون المشاركون أهم ما تشتهر به الإسكندرية، وهي حرفة البحر وما يرتبط بها من صناعة المراكب وشباك الصيد والطاولات الخشبية التي توضع عليها الأسماك.
يقول فتحي بركات، وهو أحد الفنانين المشاركين: «المعرض تجربة أثرتنا إنسانياً وفنياً، تعرفنا من خلالها على تراثنا بأصالته والتقطت عدساتنا مزيجاً فريداً من الحضارات والثقافات والانتماءات المصبوغة بصبغة غنية بالتنوع والتسامح والتفاعل الثقافي التي لا تجدها إلا في الإسكندرية».
فيما تؤكد الفنانة إيمان فؤاد أهمية المعرض الذي أقيم في أتيلييه الإسكندرية، وإبراز دور الحرف في تنمية المجتمع.
ومن المشاركين في المعرض خالد هشام وخالد التركي وحاتم صادق ومحمد فاروق ومحمد بدر ومصطفى الشرشابي ومعتز الصاوي ونائلة عطية…

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى