900 مادة أدبية في قاموس الأدب السعودي

الجسرة الثقافية الالكترونية -خلط واضعو «قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية» في عملهم هذا بين «قاموس أعلام» و»قاموس أدباء» و»ببلوغرافيا»، وليتهم استشهدوا بنصوص لبعض الأدباء لكنا حصلنا على أنطولوجيا جزئية من ضمن ما حصلنا عليه في هذا القاموس! ولو تتبع القائمون على القاموس، وهم مؤسسة بعددهم، وبحجم تمويل المشروع، على ما أعتقد، لو تتبعوا تطور الأندية الأدبية في المملكة لفزنا بـ«كرونولوجيا» لتطور هذه المؤسسات البيروقراطية التي تشبه «اتحادات كتاب عرب» ممسوكة بطريقة غير مباشرة من وزارة الثقافة السعودية، في ما يشبه المراكز الثقافية في دول البعث السالفة.
لعل عذر واضعي القاموس أن هذا عملهم الأول في هذا المجال رغم أن المقدمة تذكر أن عملهم استند إلى أعمال مشابهة اتصفت بالتأريخ لأدباء مناطق معينة في المملكة؛ ومع ذلك أرخ القاموس لكتاب وصحافيين لا ينتمون إلى الأدب بمعناه المستقر، فكيف يتم وضع مؤلف كتاب عن الصحافة الإلكترونية ضمن الأدباء، وكيف يتضمن القاموس تعريفاً بسوق عكاظ الذي لا يشكل الأدب الجزء الوازن فيه، نعم هو مهرجان ثقافي له أهميته، لكن الأدب هامش له في أحسن الأحوال، ويقال الأمر نفسه عن مهرجان الجنادرية.
هنالك أيضاً مفردات أخرى تجب ملاحظتها، منها مثلاً مادة تترجم للشاعر والروائي غازي القصيبي، ومادة أخرى تترجم لروايته «شقة الحرية» لعلها لفتة ذكية، إذ إن الرواية علامة على طريق تطور الرواية السعودية على المستوى الإجتماعي خاصة بالرغم من أن أحداثها تجري في القاهرة وأبطالها سعوديون ينتمون إلى تيارات فكرية مختلفة سادت في الفترة بين 1848 و 1967. هذا بغض النظر عن التقييم الفني للرواية التي كانت من الجرأة في زمانها، بحيث منعها الرقيب السعودي زمناً قبل أن يسمح بتداولها لاحقاً.
كما يمكن ملاحظة ترجمة لحياة خير الدين الزركلي، السوري الدمشقي الكردي المولود في بيروت، ويحمل الجنسية السعودية إضافة إلى السورية، والذي تنقل هارباً من بطش الطغاة من بلد إلى بلد، بين دمشق، ومكة المكرمة، والرياض، والمدينة المنورة، وعمان، وبيروت، حتى توفي في القاهرة عام 1976. وهنا كان المبرر في إيراد ترجمة للزركلي أنه يحمل الجنسية السعودية، وهي ميزة نراها إيجابية، خاصة أن القاموس لم يغفل تقديم ترجمة معقولة للروائي عبدالرحمن منيف، السعودي غير المرضي عنه تماماً في دوائر المتشددين النافذين في السعودية.
وقبل الدخول في مبررات وضع القاموس، ومكوناته، لابد من التمني أن تكون هذه الطبعة أساساً لتلافي الملاحظات عليها، فالقاموس هو مؤسسة وسيصدر في فترات دورية بالإضافة والحذف، وعليه ينبغي عدم الخلط بين كاتب المقالة الصحافية المتخصص في مجاله المعتبر واعتباره أديباً، فليس كل من حمل شهادة جامعية ووضع مصنفاً علمياً، حتى لو كان ناقداً أدبياً، هو أديب. وحبذا لو يتم استبعاد «تغريدات تويتر»، و»بوستات فيسبوك»، من حقل الأدب، فنحن غير مخيرين هنا، ولابد من أن يحكمنا التعريف الكلاسيكي للأدب.
ويقال هنا ما يقال عن أي مصنِّف لقاموس «حسبه أن ينجو من اللوم»، وهنا لا ينجو.
فكرة القاموس
أتت فكرة إصدار هذا القاموس في أجزائه الثلاثة كرد فعل على تقصير معدي «قاموس الأدب العربي الحديث» الذي صدر في القاهرة عام 2007 عن دار الشروق في 640 صفحة، لكونه اقتصر على ترجمة 88 مادة فقط عن الأدباء السعوديين والمطبوعات الدورية الأدبية من بين ألف مادة حواها القاموس، لذا بادرت دارة الملك عبدالعزيز إلى إصدار هذا القاموس الذي صدر نهاية عام 2013 كثمرة جهد بدأ في 27 نيسان/ابريل عام 2008. تكونت اللجنة العلمية المكلفة بالإعداد له من 13 اسماً على رأسهم الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز، الدكتور عبدالله السماري، وبينهم سيدتان، هما الدكتورة سعاد المانع، والدكتورة فاطمة القاسم. كما شارك في إعداده وكتابة مواده 65 شخصاً بين أساتذة جامعيين وأدباء ونقاد، منهم سعد البازعي، ومعجب العدواني، ومعجب الزهراني، وبينهم سبع سيدات.
ولحظ القائمون عليه إمكانية الاعتماد على أعمال مشابهة صدرت من قبل، فاستفادوا منها واسترشدوا بها، ولعل من أقدمها (أدب الحجاز) لمحمد سرور الصبان الذي صدر عام 1344هـ/ 1926م، و(وحي الصحراء)، و(نفثات من أقلام الشباب الحجازي) 1355هـ/ 1937م، و(شعراء الحجاز في العصر الحديث) لعبدالسلام الساسي 1370هـ/ 1951م، و(الأدب في الخليج العربي) لعبدالرحمن العبيد 1377هـ/ 1957م، وشعراء نجد المعاصرون لعبدالله بن إدريس 1380هـ/ 1960م، و(من أدباء الطائف العاصرين) لعلي خضران القرني 1410هـ/ 1990م، و(الأدباء في منطقة حائل) لعبدالرحمن السويداء 1427هـ/ 2006م، وأحدثها (معجم شعراء الأحساء) الصادر عن نادي الأحساء الأدبي عام 1431هـ، 2010م.
ويلاحظ في الكتب السابقة أنها رصدت أدباء مناطق، أو أقاليم بينما جاء القاموس شاملاً لكل أدب وأدباء المملكة، وفي القصة استكمل القاموس مواده بالإستفادة من كتاب (أنطولوجيا القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية) لخالد اليوسف 1430هـ/ 2011م، وفي الشعر من (ديوان الشاعرات في المملكة العربية السعودية) لسارة الأزوري 1432هـ، 2011م. هذا بالإضافة إلى قواميس أعلام الأدب والفكر والنقد، وأعداد من مجلات خصصت لترجمة أهم العلامات في حياة كل أديب أو كاتب ورد اسمه في تلك الببلوغرافيات.
يضم القاموس في أجزائه الثلاثة أكثر من 900 مدخل تشمل أدباء وأديبات في الشعر والقصة القصيرة والرواية والمقالة والمسرح والترجمة والسيرة الذاتية والدراسات الأدبية، والصحف والمجلات والجمعيات المتخصصة، والأندية الأدبية والثقافية، وكتب مهمة، وروايات رائدة، وجوائز أدبية، وكل ما يتعلق بالأدباء والأدب خلال 126 عاماً من تاريخ الدولة السعودية الحديثة.
وعتب واضعو القاموس في مقدمته على معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين الذي قدم 1645 شاعراً، بينهم 176 شاعراً سعودياً فقط، وعلى معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين الذي قدم 306 شعراء سعوديين من بين 8000 شاعر عربي. كما جاء في المقدمة أيضاَ شروط تقديم مواد التراجم التي أقرتها اللجنة العلمية المشرفة على القاموس في اجتماعاتها، كضوابط ومعايير أهمها (الشعر الجيد، العمودي، أو التفعيلة، أو النثر ـ الرواية وفق قواعدها وأصولها ـ القصة القصيرة وفق قواعدها وأصولها ـ أن يكون للكاتب كتاب مطبوع على الأقل ـ المقالة وفق قواعدها وأصولها ـ النقاد الأكاديميون أو من صدر له كتاب على الأقل ـ المسرحيات المكتوبة بالفصحى ـ السيرة الذاتية وفق قواعدها وأصولها ـ المترجمون الذين صدر لهم كتاب على الأقل).