فكر حرّ وإبداع جديد

الجسرة الثقافية الالكترونية

*نوري الجراح

المصدر: الحياة

 

كتب الشاعر نوري الجراح مقدمة العدد الأول من مجلة «الجديد» وشاءه أقرب إلى مانفستو ثقافي وجاء فيه: «تولد هذه المجلة في خضم زمن عربي عاصف شهد زلزالاً اجتماعياً وثقافياً وسياسياً مهولاً، ضرب أجزاء من الجغرافيا العربية، وبلغت تردداته بقية الأجزاء، وأسمعت أصداؤه العالم. وعلى مدار أعوام أربعة منذ أن خرج التونسيون يرددون «الشعب يريد» باتت الوقائع اليومية لما سيُعرَف لاحقاً بأنه «ربيع عربي» خبراً عالمياً يومياً، وموضوعاً مغرياً للسبق الصحافي نصاً وصوتاً وصور…في ظل هذا العصف ولد شيء جديد معلناً موت أشياء كثيرة تقادم عليها الزمن، في اللغة وفي التفكير، في التخاطب وفي الخطاب. كتبت المقالات والبيانات والنصوص نصّاً اجتماعياً وسياسياً، وأدباً يحاول القبض على اللحظة الحارة، ليعيد صياغة الجمال الأدبي، ويبني في وهجها لغة جديدة للفن.

حدث كل هذا، بعدما كانت الثقافة العربية قد ودّعت منابرها الطليعية، الرصينة والمغامرة، وكادت أن تنقرض آخر المجلات التي شكلت منابر تلاقت على صفحاتها الأقلام المبدعة والأفكار القلقة والجديدة التي طرحت الأسئلة الجارحة وبشرت بالرؤى الحديثة وبالأفكار المتفاعلة مع معارف العصر وعلومه ومغامراته الأدبية والفكرية، فتحاورت وتساجلت، وأسهمت في تشكيل الوعي العربي المعاصر. وكانت عواصم هذه المنابر هي العواصم التي انتفضت اليوم وغامرت بالاستقرار في ظل القمع والفساد والتقهقر، لتتجدد، فنجت أو احترقت، أو وقعت تحت نمط جديد من الاستبداد والاحتلالات، بغداد، القاهرة، بيروت، دمشق، وغيرها.

علــــى خلـــفية هذه اللوحــة السريعة، تولد مجلة «الجديد» لتلم بالجديد المغامر والمبتكر، أدباً وفكراً، وتكون منبره، لئلا تبقيه يتيماً، تعطيه الفرصة التي يستحقها المستقبل من الحاضر، وتؤدي له واجب الجديد نحو الأجدّ. لن تكون «الجديد» منبراً يعيد القديم، أو يبشّر به، وإنما هي منبر يدعو إلى استئناف المغامرة الفكرية والجمالية الخلاقة التي بدأتها الثقافة العربية في أبهى لحظاتها، وأكثرها عصفاً فكرياً، ونزوعاً جمالياً نحو التجديد والابتكار خلال قرن من مسارات الحياة الفكرية والأدبية العربية، ومن خلال احتضان الكتابة الجديدة والتسليم بحرية الكاتب وجرأة البحث، وحوار الأفكار.

ستعمل «الجديد» في خطتها الشهرية على نشر المقالة الفكرية والأدبية والرأي والدراسة النقدية والفنية، والشعر والقصص واليوميات، وغيرها من ألوان الكتابة، وتتضمن حوارات مع كتّاب ومفكرين، عرباً وأجانب، في الثقافة والفكر والفنون البصرية والسمعية. وستسعى ما أمكنها إلى حض الكتّاب على مباشرة سجال حول شتى القضايا الشاغلة في الفكر والأدب والفن والاجتماع، فلا بد لثقافتنا العربية أن تغادر كسلها وقعودها وتنتقل من «ثقافة المونولوغ» إلى «ثقافة الحوار»، ومن التقوقع على الذات إلى الانفتاح على الآخر، داخل الثقافة العربية وخارجها».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى