قرطبة – مظهر عاصف

الجسرة الثقافية الالكترونية
الذبحُ للعذارءِ يا ( يحيى)
وتَوشوشت تلك المطارق مع فؤوسِ الخائنين
هَرواتهم مطرُ السلامِ
عِصيهُم عظمُ الأراملِ والشيوخ
شيءٌ تهَدم في النفوسِ
وفي الصدورِ
وفي البيوت
بدا (الأسمنت)ملحاً لا يذوبُ
ولا يذوَّب
مثلَ دمع الباكيات
بعضُ القلوبِ كصخرةٍ
ولعلها المسجاة في قعر الخيانة
بعض القلوبِ كأرغفة
نارٌ تُسلطُ في العشيِّ على القلوبِ
وفي تنانيرِ الثبات
الملحُ صخرٌ لا يذوب
والأرضُ جففها حذاءُ الراحلين
ويلٌ لهذا الحرِّ من حرِّ الغضب
ويلٌ لهذي النار من نارِ الغضب
أين الغضب؟
رحلَ الرحيلُ مع الغضب
الذبحُ للعذراءِ
صاحَ الأشقرُ المهزومِ من نصر الجريمة
: القتل فلسفةُ المدينة
وهناك قد وقفَ الحمام بلا هديلٍ في الحياد
وجثا الغرابُ على المآذنِ والقباب
واحتارَ أيَّ ديانةٍ يتبع!
تلك المغاور تتسع
تضيَّقُ أنفاقُ النجاة
بين الحياةِ وبين خوفِ اللاحياة
والحَفرُ في خصر الفضيحةِ يتسع
جلس (الخواجا) واضعاً قدماً على قدمٍ
وتحتَ الأرضِ ناقةُ صالحٍ
وفوقَ الأرضِ هيكلهم
وخيمةُ البدويِّ وكرٌ للدعارةِ
والجواري والقيان
الدهرُ أنكرَ وجهَهُ
وكذا الزمان
ولم يتوالد البنيانُ أحجاراً
لم يخلقْ
فهل يخلق؟
وهل يبنى من الأضغاث؟
أجبني أنتَ يا (يحيى)
القتلُ فلسفةُ المدينة
هم عن سرابٍ يبحثون
ونحن نلتهم السراب
:هل تبحثين عن الضبابِ؟
سألتكِ قدسُ الحائرين وكررت
ذهبت تصبُّ الماءَ في الطرق الحزينةِ صابرة
وتصبُ فوق الماءِ دمعَ مخاضها
تحت النخيلِ تهز جذعاً
وتساقطَ الصخرُ العقيم
كان طلقاً مرهقاً
مات الغلامُ قبيلَ سنِّ الخامسة
عاش الجدار
وَلدَت دفيناً آخراً
عاش الجدار
ولَدت غريباً
هاجر المنفيُّ قسراً
فلسفاتٌ فلسفاتٌ فلسفات
ومدَّت قدسُنا يدها
وصابرةٌ تنظفُ وَحلَنا عنَّا
وعن وجهِ الشهيدِ الألفِ
تمسحُ عارَ إخوته
وتبقى القدس
يبقى الجرح
يبقى النزفُ مقروناً بسيدةٍ
تهدَّم قصرها
وتسيّد الخدمُ الرواقَ لخدرها
فيا (يحيى)
وأنت الرمزُ فوقَ الأرضِ
أنت الصخرُ
أنت حجارة الأقصى
وأنت الميتُ المخلوق كي يحيا
أضعنا الرمز يا (يحيى)
وأقصانا على جُرِفٍ
أضعنا القدسَ يا (يحيى)
وكنتَ تعلقُ الناسف
فعلقَّ ذلك الأشقر
على أنقاضنا القبة
فكيف ستُذبحُ العذراء؟
كيف؟
وكيف وكيف؟
وكم من كيف أسأل بعد أن أسأل؟
وأسأل حينما يمسي عقيدُ القومِ قصاباً
وسيدُ حيينا المهزوز جزاراً
وأسأل عنكَ يا ( يحيى)
فأين ذهبت في هذا المساء الصعب؟
وأين خريطةُ الأقصى
وأين فواطمُ الأقوام؟
أين ( قنابل الموليتوف) ؟
وأين الشاعرُ الكذابُ؟
أين الدرب؟
أين القدسُ أخبرني؟
وهل في البالِ قرطبةٌ تجرُّ وراءها أخرى
سلامٌ يا بلاد الله
سلامُ الحقِّ يا (يحيى).