‘أصيلة المغربي’ يحارب الانغلاق والتطرف بالثقافة

الجسرة الثقافية الالكترونية
افتتحت الجمعة فعاليات الدورة الـ37 من موسم أصيلة الثقافي السنوي، بحضور نخبة من المثقفين والكتاب والمبدعين والفنانين والسياسيين والإعلاميين من العالم العربي ومختلف أنحاء العالم.
وتناقش التظاهرة الثقافية في ندوات كبرى التغيرات الديمغرافية وتأثيرها على الهجرة وخطورة الإرهاب العابر للأوطان.
وتعرف التظاهرة مشاركة أكثر من 500 من المفكرين والباحثين والساسة والشعراء والفنانين التشكيليين والإعلاميين، وسيمتد برنامج الموسم حتى التاسع من آب/أغسطس.
وازدانت مدينة أصيلة (شمال المغرب) برسومات جدارية انطلقت من مدة احتفاءً بهذا الحدث.
كما شكل الافتتاح موعدا لانطلاق ورشة الحفر التي يشارك فيها فنانون من المغرب وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبحرين واليابان وكندا والبيرو.
واقيم في اليوم الأول ندوة بعنوان “قدما إلى الماضي” شارك فيها عدد من وزراء الثقافة في الوطن العربي وإفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
وستقام ورشات للاطفال حول الكتابة والإبداع لدى الطفل.
ويكرم المهرجان خلال هذه الدورة الفنان التشكيلي المغربي الراحل فريد بلكاهية.
ويتضمن منتدى أصيلة أربع ندوات فكرية كبرى، “قدما إلى الماضي: نحو حرب باردة عالمية جديدة؟”، و”الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي”، و”الفيلم والرواية في سينما الجنوب”، والعرب :نكون أو لا نكون”.
وانطلقت ورشة الصباغة التي تستمر طوال أيام الحدث، وينخرط فيها مجموعة من الفنانين من المغرب، والسنغال، وإسبانيا، وفرنسا، والأردن، والبحرين، والسعودية، واليابان.
ويستقطب المهرجان المغربي شخصيات سياسية وفكرية وعربية ودولية، ويشهد ندوات وبرامج فنية وثقافية مختلفة.
وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، الجمعة بأصيلة، إن موسم أصيلة الثقافي الدولي يشكل مناسبة لتسليط الضوء على النموذج المغربي، وبحث الظروف الجيو-استراتيجية التي يعرفها العالم أجمع.
ولفت الامين العام لمهرجان “اصيلة” محمد بن عيسى الى انه وفي كل عام يستضيف المهرجان أحد البلدان لكي يعرض ثقافته عبر برنامج أساسي يضم معارض وفعاليات أدائية ومؤتمرات.
وأضاف مزوار، في كلمة ألقتها بالنيابة عنه امبركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة في الشؤون الخارجية والتعاون، خلال افتتاح الندوة الأولى لموسم أصيلة الثقافي الدولي السابع والثلاثين، أن اختيار الحرب الباردة موضوعا لهذه الندوة “يأتي في سياق جيو-سياسي دقيق، من خلال تضاعف أعداد الحركات المتطرفة العنيفة التي تهدد المجموعة الدولية برمتها وتضعف هياكل الدول”.
واستعرض مزوار، في كلمته، الوضعية الصعبة التي يعرفها المجتمع الدولي، مشيرا بالمناسبة إلى تحديين أساسيين يتعين على المجموعة الدولية مواجهتهما، يتمثل أحدهما في التغيرات الديمغرافية وتأثيراتها على الهجرة واتساع رقعة الفوارق، ويتجسد الآخر في التطرف العنيف الذي يتجلى في الإرهاب العابر للأوطان والشبكات المافياوية.
وتوقف الوزير عند السياسة الخارجية التي يعتمدها المغرب مع مختلف شركائه، سواء على المستوى الأورو-متوسطي أو الأطلسي أو المتعدد الأطراف، مشيرا إلى الرؤية الاستراتيجية التي تحكم هذه السياسة على كافة الأصعدة المغاربية والعربية والإسلامية.
وفي مداخلة مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، قال إن منتدى أصيلة “ينعقد في ظرفية حرجة ومقلقة، وذلك بفعل تقدم تيارات التجزئة والتطرف وضرب الهوية والوحدة وزعزعة الاستقرار بدول المنطقة العربية والقارة الإفريقية”.
وأشار الخلفي، استنادا إلى معطيات رقمية أوردتها مجلة “ذي إيكونوميست” هذا الأسبوع، إلى أن عدد ضحايا عمليات التفجير والإرهاب في إفريقيا تضاعف بسبع مرات وذلك في أزيد من عشر دول، لينتقل من حوالي 2000 في سنة 2009 إلى أزيد من 14 ألفا في 2014 ، بل وهو مرشح للتضاعف أكثر في هذه السنة، والتي سجل فيها لغاية 11 يوليوز 2015 أزيد من 11 ألف قتيل.
وقال الخلفي إنه بالرغم من ذلك “هناك أمل، واجتماعنا اليوم هو جزء من وعي يتنامى في العالم، ويدعو لبناء مستقبل مغاير، وهنا يبرز النموذج المغربي باعتباره نموذجا ديناميا ومتجددا، يمثل نقطة مضيئة بالمنطقة وشكلت إجاباته طوق نجاة لعدد من مشكلاتها”.
وأوضح أنه نموذج قائم على “رؤية ملكية استباقية” يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وأضاف الخلفي أن من تجليات هذه الرؤية الملكية الاستباقية أيضا مبادرة الملك محمد السادس المتعلقة بإطلاق مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، “كمحطة في مسار الإصلاح العميق والشمولي للحقل الديني، والذي يمثل إطارا لمواجهة التطرف ونشر الاعتدال، وأصبح اليوم مصدر تطلع من قبل العديد من الدول لاستلهامه والاسترشاد به في مواجهة آفة الإرهاب”.
ومنذ تأسيسه يعد مهرجان أصيلة وموسمها الثقافي ملتقى للمبدعين والمفكرين العرب والأفارقة والغربيين، وساهم في شهرة المدينة المغربية الصغيرة التي تقع شمال المغرب لتصبح أحد أهم معالم المشهد الثقافي المغربي وفضاء للتواصل مع الثقافة الإنسانية.
وشهدت مدينة أصيلة أو “أرزيلا، أصيلا” على مدى ثلاثة عقود من الزمن، تحولات هامة على مستوى البنيات التحتية والمرافق العمومية وأشكال العمران، واستطاعت أن تتحول إلى قطب ثقافي وسياحي هام يحج إليه آلاف النخب الثقافية كل سنة.
وكانت البحرين ضيف شرف مهرجان “أصيلة” الثقافي في دورته السابقة.
وتضمن برنامج المشاركة نقل معارض تشكيلية لمبدعي ورواد الفن البحريني، إلى جانب استضافة مجموعة من الفنانين البحرينيين في فنون الحفر والرسم الزيتي والجداريات.
وانطلق موسم أصيلة الثقافي في 1978 تحت رعاية العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني. ومنذ ذلك الحين يتجدد الموعد في كل عام بأنشطة ثقافية في مقدمتها فعاليات تناقش جملة من القضايا الدولية الهامة من قبيل مستقبل العالم العربي والتنمية المستدامة والتغير المناخي.
المصدر: ميدل ايست اون لاين



