قاسم حداد يحذر من تحول القارئ إلى سلطة تقيّد الكاتب وإبداعه

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

محمد الحمامصي

بحضور الشاعر البحريني قاسم حداد، وعدد من الأدباء والقراء في الكويت، تم افتتاح مكتبة ومنصة “تكوين” للكتابة الإبداعية، في حفلٍ حمل عنوان ولادة مكتبة. وقد بدأ الحفل بكلمة من مؤسِّس “مشروع تكوين” الروائية بثينة العيسى، التي تحدثت عن ماهية المكتبة، قائلة: “تدخل المكتبة فترى عصارة العالم تمتزج في نسيج اللغة. تقف أمام الأرفف مدركًا بأنك واقفٌ، أو راكعٌ، في حضرة التجربة البشرية باتساعها، أنك تقف أمام ملايين الأشخاص الذين كابدوا في الكتابة، لكي يساعدوا أنفسهم على الوجود في هذا العالم؛ حرفًا بعد حرف، كلمة بعد كلمة، سطرًا بعد سطر..”.

وأضافت بأن المكتبة هي مكان فوق واقعي ويتجاوز حضوره المادي بمراحل، مستلهمة من بورخيس الذي طالما رأى الجنة على شكل مكتبة، “إذا كانت المكتبة هي المكان الذي نتحرّر فيه من الزمن، هي أرض الممكن المطلق، حيث كل شيءٍ قابل للحدوث، إذا كانت المكتبة هي بلاد عجائب ألِس، وكوكب الأمير الصغير، وجزيرة نيفرلاند التي لا يكبر فيها الأطفال، وبطن الحوت الذي ابتلع بينوكيو، ومحيطات السندباد، وعوالم غيلفر، وحجرة نوم شهرزاد، وجزيرة حي بن يقظان، ودير رهبان أمبرتو إيكو، وكوابيس كافكا، وماكوندو ماركيز، وسديم بورخيس، وبراغ كونديرا، وبغداد فؤاد التكرلي، وكويت فهد العسكر، وجواشن قاسم حداد.. إذا كانت المكتبة هي المكان الذي هو كلّ الأمكنة، حيث تستطيع أن تكون أيّ شيءٍ على الإطلاق، حيث يتفق الفيزيائي والروائي بأنَّ المخيلة دائمًا على حق.. إذا كانت المكتبة هي كل ذلك، وأكثر من كلّ ذلك، ألا تكون المكتبة هي الجنة؟”.

ألقى ضيف الحفل، الشاعر قاسم حداد كلمةً عن “تكوين” منذ بدايته كمشروع افتراضي حتى ولادته على أرض الواقع كمكتبة ومنصة تهتم بصناعة الأدب، قائلا: “لقدر رأيت في تجربة تكوين أسئلةً تطرق الجوهري، بشتى تجلياته، في تجربة الكتابة. الكتابة بوصفها وعي مسؤولية الجمال في النص، والسعي بإخلاص لصقل الموهبة بالمعرفة، وفي ذلك اختيارٌ حاسمٌ للطريق الملكية، غير الهينة، في حقل الصنيع الأدبي.”

واختتم الحفل بقصائد الشاعر قاسم حداد، بمرافقة عزفٍ على عود الفنان أحمد الراشد.

وعلى صعيدٍ آخر نظّمت منصة تكوين للكتابة الإبداعية ورشة الشِّعر التي حاضر فيها الشاعر قاسم حدّاد، حيث بدأت الورشة بتمهيدٍ من الشاعر عن قضية يراها أساسيةً في تكوين الشعر، وهي القلق أو الهاجس الذي يستحوذ على كل كاتبٍ حينما يرغب في التعبير عن إحساسه أو رؤيته.

ورأى حدّاد أن اللغة تمثل الهاجس الأكبر له انطلاقاً من كونها أداةً لترجمة المعنى وفناً يتطلب إلماماً كافياً بجوانبه المختلفة. ليتوسع بعدها في إشكالية اللغة وعلاقتها بالشعر، مؤكدًا أنها “كائنٌ حي، وحياةٌ تُختزل فيها جميع المعاني”، وأوضح بأن اللغة هي أداة الكاتب المناسبة لإتقان صنعته، وهي “تمتلك مفاتيح المخيّلة والصور الشعرية”، وأضاف بأن علاقة الشاعر مع اللغة ينبغي أن تكون علاقة عشقٍ تفتح آفاقًا جديدةً للشعر.

وتحدث حدّاد أيضًا عن الموسيقى والإيقاع في الشعر العربي، موضحًا: “الموسيقى في الشعر العربي لا تقتصر على الوزن، بل قد نجده في احتدام الجمل والمعاني وعلاقة الكلمات والحروف ببعضها البعض.”،

واستطرد بالحديث عن أخطاء يقع فيها الكثير من الشعراء بحيث صار التمييز بين شعرهم والشعر المترجم أمرًا بالغ الصعوبة.

وشدّد قاسم حداد على أهمية أن يترك الشاعر نفسه لعاطفته، وألا يفكر في الصورة الشعرية تفكيرًا عقليًّا، فالشعر كما يصفه: “عمل عاطفي عميق ومتدفق ولا ينطلق بالضرورة من العقل والمنطق.”، وأن شرط الكتابة الأول هو العفوية الشبيهة بكلام الرجل الأول ومحاولته للتواصل مع العالم.

وأكّد حداد على أهمية دور القارئ في الشعر، وأن القارئ الإيجابي هو من يحول النص إلى خلقٍ جديد، وحذّر من تحول القارئ إلى سلطة جديدة تقيّد الكاتب وإبداعه.

 

المصدر: ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى