مهرجان الربيع الثقافي من تونس إلى لبنان.. فضاءات وآفاق

فاتن حموي

مسرح، موسيقى، رقص، سينما، تجهيز صوتي تفاعلي، وأكثر في بوتقة من الحفلات اليومية تنطلق الليلة ضمن «مهرجان الربيع» الفني الثقافي في دورته الخامسة في لبنان بالتزامن مع تونس للمرة الأولى. تستمر فعاليات المهرجان إلى السادس والعشرين من الشهر المقبل. يستضيف المهرجان 120 فناناً من 29 بلداً متناولاً قضايا حرية التعبير واللجوء والحدود.

حفل الافتتاح الليلة يحتضنه عند الثامنة والنصف مساء مسرح دوار الشمس وهو موقّع بإبداع صيني مع فرقة بكين للرقص المعاصر، والختام تونسي مع فيلم «شبابك الجنة» لفارس نعناع، وما بين الافتتاح والختام عرض رقص هندي لمركز كيرالا للكاتاكالي وتحليق مسرحي مع «مساحات دموعنا» و «أصل الحكاية» لمجموعة كهربا، «زجاج» لأسامة غنم، و «في مقام الغليان: أصوات من ربيع مختطف» لسليمان البسام، فضلاً عن حوارات عزفية موسيقية بين تيريز سليمان وصوفيا برتغال، جاسر حاج يوسف وكنان العظمة وديما اورشو عمر أفندم وأم. سي ماد بروفت ودي جاي تشاك من جنود بيروت، دي جي ويز، ياسين بولعراس وطارق يمني، فرحات تونك وارتان تكين وأحمد الخطيب، وحفل سوريانا لباسل رجوب، وسينمائياً يعرض المهرجان فيلم عباس فاضل «العراق سنة صفر» وفيلم محمد الدراجي «تحت رمال بابل»، و «رسالة الى الملك» لهشام زمان.
كسر الحدود
محاكاة الواقع، تعدّد الفنون، كسر الحدود، وفتح آفاق ثقافية من خلال مختلف منصات العروض والنقاشات هي السمّات التي تطبع المهرجان، كما تقول مديرة المهرجان في لبنان الممثلة والناشطة الثقافية حنان الحاج علي في حديث خاص لـ «السفير» يهدف المهرجان إلى إتاحة مساحة عامة يختلط فيها الناس بمستوياتهم الاجتماعية والفكرية كافة، ويقدّم المهرجان سياسة معاكسة لمنطق الفن التجاري المروّج له في السوق».
تعلن الحاج علي أنّ هناك طاقات فنية مبدعة من بلاد مجهولة ثقافياً، غالباً ما تكون مهملة أو مغيّبة عن الطابع الدولي والتجاري في المهرجانات ستكون حاضرة في «مهرجان الربيع» إذ يقدّم باسيكو كوياتي وغارانا روتس من مالي حفلاً ذا أنغام إفريقية سيحملنا إلى مناخات موسيقية ساحرة، إلى جانب فنانين من لبنان، تونس، فلسطين، العراق، الكويت، الجزائر، سوريا، تركيا، البرتغال، الهند، سويسرا، الصين وغيرها، ولا بدّ من الأخذ في الاعتبار أنّ المهرجان يوفّر للجمهور اكتشاف المساحات الفنية العربية والعالمية بأسعار رمزية لا يتجاوز أقصاها العشرين ألف ليرة لبنانية ومجانية أحياناً.
ترى الحاج علي أنّ المهرجان تعدّدت باحات وساحات محطاته من بيروت إلى النبطية وصور، «هناك فضاءات متعدّدة وعروض في مسارح وأماكن عدّة إلى جانب مسرح دوّار الشمس، مثل ستايشن، راديو بيروت، يوكونكون، مسرح الحمرا (اسطنبولي) – صور ومتروبوليس أمبير صوفيل – النبطية».
كما تعلن الحاج علي أنّ المهرجان غنيّ إلى أقصى الدرجات، وتلفت إلى طاولة مستديرة تتناول المخاطر التي يتعرّض لها الفنانون حالياً بعنوان «فنانون رغم كلّ شيء»، وعرض «حدائق تحكي» من إعداد تانيا الخوري الذي يوثق بالصوت أيام الثورات، «الهدف هو التركيز على كيفية التعامل مع الرواية كفعل سياسي بامتياز من خلال تجهيز تفاعلي صوتي، يمكن لرواد هذا العرض الاستماع إلى الحكايا عن ضحايا معينين بالأسماء من خلال تجميع فني إنساني على ألسنة الضحايا أنفسهم أو ذويهم أو أصدقائهم، هم ليسوا أرقاماً بل هم حقيقيون ذوو حيوات وامتدادات حيّة».
كوادر
تنظم «مهرجان الربيع» في لبنان «جمعية شمس» بالشراكة مع مؤسسة «المورد الثقافي» ومهرجان «ردّ زون» النروجي، وقد انطلق المهرجان من القاهرة في العام 2004 وفي لبنان في العام 2008، وتقول الحاج علي إنّ مؤسسة «المورد الثقافي» هي مؤسسة ثقافية عابرة للدول العربية أنشئت العام 2004، تلعب دوراً فعّالاً في دعم وتطوير مجال الإدارة الثقافية في المنطقة العربية، لذا قامت بوضع وتصميم أول برنامج لتدريب مدرّبين عرب في مجال الإدارة الثقافية بهدف دعم وتعزيز التنمية المهنية وبناء القدرات التدريبية، وتسهيل نقل المعرفة بالإدارة الثقافية إلى العاملين الجدد بهذا المجال، ممن يُشغلون مناصب قيادية في القطاع الثقافي المستقل في المنطقة العربية. يتكوّن برنامج الإدارة الثقافية من ورش عمل تدريبية سنوية، ومصادر معرفية باللغة العربية لمساعدة المدربين والعاملين بالثقافة في الإجابة عن التساؤلات التي يطرحها واقع العمل الثقافي.
ويسعى برنامج الإدارة الثقافية إلى خلق كوادر تدريبية عربية في مجالات العمل الثقافي المختلفة، مثل إدارة المسارح وقاعات العرض الفني، والفرق والمجموعات الفنية والمهرجانات، وإنتاج الأعمال الثقافية، بهدف دعم البنية الإدارية والاقتصادية للمؤسسات الثقافية العربية المستقلة، وجعلها أكثر ثباتاً واستقرارًا على المدى الطويل.
استطاعت المؤسسة، كما تقول الحاج علي، تحقيق أهداف عدّة أولها تسليط الضوء على فنون لم تتعرّف عليها منطقتنا، إلى جانب اكتشاف فنانين كبار من مناطق كأوزبكستان، وجنوب أفريقيا، وأفغانستان، وإيران، وتركيا، وفنون شعبية وتراثية ومعاصرة في إطار التبادل الثقافي بين الشعوب. والجديد هو إقامة المهرجان بالتزامن مع تونس، إذ قامت المورد أخيراً بمساعدة المؤسسات الناشئة في تونس عبر مشاريع تدريب على الإدارة الثقافية وكيفية التدخّل في المجتمعات المهمّشة، من خلال التعاطي في عمق المشهد الثقافي في تونس ودعمت المؤسسة مشاريع عدّة وقدّمت منحاً وساعدت مؤسسات ناشئة تتوخّى التغيير من خلال الفنون».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى