شريف مجدلاني وفرانك ميرمييه: نظرات إلى تاريخ النشر العربي

في كتابٍ توثيقي أعدّه الباحث الفرنسي فرانك ميرمييه والكاتب اللبناني الفرنكوفوني شريف مجدلاني بعنوان «نظرات إلى النشر في العالم العربي» (كارتالا)، يجد القارئ نفسه غارقاً في التاريخ الحديث لحركة النشر والقراءة في دول عربية عدة، بدءاً من لبنان وصولاً إلى مصر مروراً بالخليج واليمن، مع إطلالة على المغرب.
ومع أنّ عبارة «العالم العربي» الواردة في العنوان تدل على الشمولية نلتمس تبايناً واضحاً في ملامح حركة النشر بين دولة وأخرى. وفي حين أنّ النشر مرتبط بقواعد ثابتة وتقاليد قديمة في لبنان ومصر مثلاً، فإنه يحمل ملامح حديثة جداً في دول الخليج ويبقى متصلاً فيها بالتطور الاقتصادي المتسارع، بينما تغدو حركته بطيئة جداً، إن لم نقل معدومة، في بلدان أخرى بسبب الحروب والأزمات السياسية كما في العراق وسورية واليمن وليبيا.
يبحث هذا العمل في العراقيل التي تواجه النشر العربي ومنها الرقابة والتوزيع، لكنه يرى في المقابل أنّ الكتاب يحافظ في هذه المنطقة عموماً على قيمته الرمزية باعتباره ركيزة ثقافية وسياسية.
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام: «مقاربة تاريخية»، «طقوس القراءة والكتابة»، «ولاية أماكن النشر». وتحوي هذه الأقسام دراسات لعدد من الباحثين، إضافة إلى شريف مجدلاني وفرنك ميرمييه، منهم: هالة بزري، مود إسطفان- هاشم، ماتيلد شيفر، لوران داماسين، إيناس حصني، سمر سمعان حداد، أنوق كوهين، عبد الحكيم الحسبان…
وفي المقدمة يكتب شريف مجدلاني: «لا شيء أصعب من الحديث عن واقع الكتاب والقراءة في العالم العربي. والسبب متصلّ بقلّة، أو الأصحّ ندرة المعطيات الموثوق بها والأرقام الحقيقية في ما يخص هذا المجال. مازالت الدراسات المعمقة شبه غائية، سواء في ما يتعلّق بالتاريخ الحديث للنشر أو بوضع القراءة والقرّاء عموماً. وخلال السنوات الأخيرة، أخذت الأوضاع العربية تتدهور في شكل مريع حتى باتت أي محاولة بحث أشبه بتحدٍّ حقيقي… ولكن مع ذلك يدخل الكتاب هذا التحدي ليُقدّم إلى القارئ التاريخ الحديث للنشر والقراءة في العالم العربي، علماً أن الحديث عن الكتاب والقراءة يمكن أن يبدو مثيراً للسخرية اليوم أمام تحلّل المجتمعات العربية وتصاعد التيارات الظلامية… طموحنا الأساسي كان تغطية المجموعة التي اعتدنا تسميتها العالم العربي. لكنّ ظروفاً معينة أجبرتنا على إقصاء منطقة المغرب العربي، باستثناء إسهام مهم من المغرب، إضافة الى دراسات تغطي دولاً من ثلاث مجوعات: لبنان – سورية – فلسطين – الأردن – العراق، مصر، الخليج العربي».
شريف مجدلاني أستاذ في جامعة القديس يوسف في بيروت، روائي لبناني يكتب بالفرنسية وهو رئيس البيت العالمي للكتّاب في بيروت. من مؤلفاته: «فيلا النساء»، «تاريخ البيت الكبير»، «عائلة السيد مرصاد»…
أما فرانك مرمييه فهو باحث في الأنتروبولوجيا (علم الإنسان) ومدير سابق لـ «المركز الفرنسي للدراسات اليمنية» (صنعاء). أصدر «الكتاب والمدينة: بيروت والنشر العربي» عن أكت سود.
(الحياة)