الهنوف محمد: نحن الآن في زمن البحث عن الماضي

االجسرة الثقافية الالكترونية-الخليج-
ستذكر الشاعرة الإماراتية الهنوف محمد شهر رمضان، عبر شريط يمتد من طفولتها الأولى حتى لحظتها الحالية، لتنظر إلى هذا الشهر الفضيل من خلال رؤية شعرية، حيث كل ما هو مبهج: روحانيات الشهر، وجماليات الأسابيع الرمضانية الأربعة، وهي تستقرئها في عيون ووجوه الناس، أثناء غبطتهم وَجَلدِهم وهم يواصلون طقوس الصوم .
تقول الهنوف: صورة شهر رمضان مرتبطة لدي بالحر، بالرمضاء، كما أن استذكار الحر يحيلني إلى الإحساس بالظمأ، وأن كل ذلك يذكرني بمتعتي وأنا أقاوم الحر، لأحس آنذاك بأنني حققت انتصاراً كبيراً، بل إن ذلك الشعور لما يزل يتملكني، وقد دخل في عداد تكوين شخصيتي، كما أتصورني الآن . فأنا لم أكن مثل هؤلاء الأطفال في سني الذين تنطلي عليهم خدعة الأهل، فيصومون نصف يوم، بل كنت أواصل الصوم، حيث إن الإفطار مع الأهل وأنا صائمة، يجعلني أشعر بقوة مابعدها قوة .
وتقول الهنوف محمد:مَنْ مِنْ جيلي ينسى حركة تلك الصحون وأطباق الطعام بين البيوت، وهي تفوح برائحة الطعام، حيث من شأنها أن تجعل أهل الحي عبارة عن أسرة واحدة، لأن تلك الصحون كانت تحاول أن تقارب بين ما نتناوله من أطعمة، وكأننا جميعاً ملتفون حول مائدة واحدة، بل وما أكثر تلك الموائد المشتركة التي كانت تجمع الناس، حيث النساء في البيوت، والرجال في الهواء الطلق، ونحن مع أمهاتنا .
وتتابع الهنوف محمد: الروح الجماعية لم تكن تقتصر عند حركة ما اصطلحنا على تسميته ب”الصحون الطائرة” بل كانت في الوقت نفسه توازيها تلك الزيارات المتبادلة بين الناس، حيث يتحول الحي برمته إلى مجرد أسرة واحدة . وأعترف بأن بعض روح تلك الذكريات الحميمة لما يزل قائماً، ولكن، الاستعانة ب”الخادم” كي يوصل الصحن، بدلاً عن صاحبة البيت، أو ابنة البيت، بات يقلل الكثير من الجماليات التي كانت قائمة بيننا، وإن كان الصحن قد تطور، بل وإن كان الطعام الذي يملأ الصحن-هو الآخر-قد تطور .
وعن لحظات الأسحار تقول: لم أكن أتسحر، آنذاك، وكنت أصوم وأنا أعتمد على وجبة الإفطار وحدها . وحول قراءاتها في هذا الشهر، تقول: أقرأ القرآن الكريم خلال هذا الشهر بوتيرة عالية، وأنصرف إلى التأملات الروحية، هذه التأملات التي تناسب طبيعتي الخاصة، حيث الروح تطغى على كل شيء .
وعن الفرق بين الأمس واليوم تقول: لقد خسرنا الكثير من الحميمية التي كانت من قبل، ليس في رمضان وحده، وإنما خارج رمضان أيضاً، ولذلك، فأنا أقول دائماً “إننا الآن في زمن البحث عن الماضي”، أجل، وإن رحلة بحثنا عن هذا الماضي تطول وتطول