«غرفة الموسيقى»… غناء بين أواني طهو وأجهزة كهربائية

رحاب عليوة

الغناء في المطبخ وسيلة تتسلى بها ربة المنزل. بعضهن يدندنّ منفردات، وبعضهن يرافقن أغنية يبثّها الأثير. غير أن مفهوم الغناء وسط أواني الطهو ومعدات الطبخ الكهربائية تغيَّر حديثاً، ليصبح هدفاً في ذاته على سبيل التجديد والاحتكاك بثقافات عدة. وفي هذا الصدد، أطلق معهد غوته (المركز الثقافي الألماني) مشروع «غرفة الموسيقى»، وفيه تتحول غرفة الجلوس إلى قاعة عزف، والمطبخ إلى مسرح كبير.
يزدحم على الأريكة فنانون مشهورون، في حين يقدم الشباب الواعدون، بين منضدة الأريكة ورفوف الكتب، أفضل ما عندهم. وخلال السنتين الماضيتين أقام المشروع جلسات غنائية في القاهرة والإسكندرية ورام الله وبيت لحم والخرطوم وبغداد وبيروت وتونس لعرض مواهب شباب يبتكرون أنماطاً جديدة من الموسيقى بالدمج بين أكثر من نوع بعضهم يتبنى قضايا بعينها وآخرون يقدمون موسيقى هويتهم، مع بث تلك الحفلات وتاريخ الفرق التي استضافتها على موقع المعهد الثقافي.
قدَّم المغني والمؤلف الموسيقي شادي أحمد عرضاً داخل أحد المطابخ في بناية قديمة في ضاحية غاردن سيتي وسط القاهرة، جامعاً فيه بين موسيقى الروك الغربية والموسيقى العربية. بينما قدم المغني هاني مصطفى عرضاً في مطبخ آخر في ضاحية مدينة نصر، شرق القاهرة، بصحبة العازفة ياسمين سامي، تضمّن موسيقاه التي «تعمل على توحيد عناصر موسيقى الإندي وموسيقى الأكوستيك وكذلك الموسيقى البديلة وموسيقى الأمبينت».
وفي الخرطوم، ناقش مشروع غوته قضايا العنف ضد الفتيات وتهميشهن في السودان وبلدان عربية وأفريقية، وفي العالم عموماً، عبر فرقة «سالوت يا بنوت» المكونة من سبع مغنيات وأربع عازفات (غيتار، بي غيتار، بيانو ودرامز)، والتي تقدم أغانيها باللغتين العربية والإنكليزية لـ «إبلاغ البنات والنساء في السودان وأفريقيا وفي مختلف أنحاء العالم أن المرأة في مقدورها القيام بما تحب والصمود أمام كل التحديات».
وفي بغداد ركز المشروع على السلام عبر الموسيقى، إذ قدمت الغرفة «فرقة الفن للسلام» التي أُسست في العام 2005 وتضم 43 عضواً من الشباب الذين يعزفون المقطوعات الكلاسيكية العالمية والموسيقى العربية الكلاسيكية والتراثية العراقية والمؤلفات المبتكرة بهدف العلاج بالموسيقى.
وقدّم مشروع «غرفة الموسيقى» تجربة غنائية ثرية في مدينة رام الله، عبر المغني الفلسطيني شادي زقطان الذي نشأ متنقلاً بين دمشق وبيروت وعمان وتونس، فانعكس ذلك على موسيقاه وأغانيه المستوحاة من حياة الفلسطينيين، والتي تخاطب أذن رجل الشارع العادي. وفي بيت يعود إلى العصر العثماني مجاور لمبنى محكمة تحولت في العام 2004 إلى مرسم، ومن ثم إلى مركز ثقافي، غنى زقطان: «في بلد تكبر فينا كل ما الدنيا تصغر علينا…».
وعادت «غرفة الموسيقى» إلى الأواني لكن في بيروت، داخل مطبخ في شارع بدارو يملكه صديق للمغني الكردي آري سرحان، في الشارع الذي احتفظ بكثير من ذكرياتهما المشتركة، لذلك قرر تقديم عرضه ضمن «غرفة الموسيقى» في تلك البقعة. سرحان مغنٍ سوري يعزف على آلة البزق، ولد في الحسكة بشمال سورية، وألحانه مستوحاة من البيئات المختلفة التي أقام ويقيم فيها.
يشار إلى أن تقليد الغناء داخل المطبخ متأصل في تونس، إذ تقدم الفرق الشبابية عروضاً غنائية مستمرة في مطبخ وسط بستان زيتون مُحاط بحديقة، على مسافة 30 كيلومتراً من تونس العاصمة في جبل الرصاص.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى