محاور الانجذاب في الشرق الاوسط الجديد- عيسى ابو الراغب

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص

بقلم /عيسى ابو الراغب
ما يجري الآن في البلاد العربية وعلى غزة  هو حالة من تغير وجه الشرق الأوسط بغض النظر عن الحسابات المباشرة وهي عملية جذب لمحور ما على حساب أخر وترتيب أوراقه كي يناسب الوجه الجديد، وما يجري هو ما أعلن عنه سابقا من شرق أوسط جديد حيث سيتم الترتيب بناء على قويمة وطائفية وهذا لم يكن مخفيا بل اعلن عنه علنا من قبل الإدارة الامريكية ومن مفهوم  هذا المصطلح قد يكون كمثل إعداد طبخة للشرق الأوسط بحنكة وذكاء ودهاء وعبر أدوات من داخل المنطقة بدون أي تكاليف تقع على عاتق منجز ومعد الطبخة .
فإذاً الحالة العربية حالة ليس بالغريب أن نطلق عليها الطبخة العربية فتاريخنا العربي والمتتبع له يثبت أننا كنا ضمن إعدادات طبخة يعدها الغرب ويقدر مقدار ملحها والبهارات فيها ثم يقدمها لنا وجبة شهية نتناولها .
فإن تنازع عدد اكبر على الطعام اوجد لنا الغرب بذكاء وحنكة طاولة اكبر مساحة بعدد كراسيها  لتتسع لنا
وبعد الانتهاء من الوجبة الدسمة نشكر الله أننا لم نصب إلا بالضغط قليلا أو بعض ارتفاع بمنسوب السكر أو الدهن الثلاثي
لن يكون من المجدي لنا أن نكتب أو نسير في حقبة تاريخية بعيدة المدى  لان هذا سيكون له ردات فعل علينا نفسية كبيرة حتى أننا قد نصاب  بحالة من الغثيان وفقدان الثقة بالذات العربية  مع أنني لا أجد لتلك الثقة ولكن تجاوزا نقولها ولكن  سنيسر بقليل من التدقيق  من بدأ الثورات أو ما أطلق عليه الربيع العربي  ومن الضروري أن نذكر ما عرفه كثير من المحللين والمفكرين للثورات ،أنها حركات  احتجاجية سلمية  اندلعت في البلاد ولكننا نجد أنها أنتجت دماء  فيأتيك من بعيد من يقول كل حركات التحرر يدفع فيها دماء فنوافقه الرأي والكلام ونرد عليه أن كانت لها منهاج وطريق تسير فيه وتحق ما رسم لها وليست حالة الفوضى  والبداية كانت بظلالها الأولى في تونس الخضراء وبدأ بشكل حقيقي في الثامن عشر من ديسمبر لعام 2010 وهو التاريخ التي هبت فيه جموع الشعب التونسي تنديدا واستنكارا لحالة واقعية وهي حرق الشاب البوعزيزي لنفسه فإذاً هي كانت حالة فتيل وردة فعل معكوسة ولا ننكر أن لها امتدادها قبل هذا التاريخ  بما كان يسمى ثورة الخبز أو ثورة القيروان والمناجم أيضا ،وكان من أسباب الاشتعال  الأساسية  أيضا انتشار الفساد والركود الاقتصاديّ وسوء الأحوال المَعيشية، إضافة إلى التضييق السياسيّ والأمني وعدم نزاهة الانتخابات في معظم البلاد العربية، ولدى سؤال أي من أفراد الشعب التونسي وقتها كان يرد عليك أننا قمنا بثورة لكرامتنا وأننا نعي مسار الحياة الثورية من منطلق الحالة الثقافية العالية للشعب وفعلا تم الأمر وحققت ما أرادت الثورة ونزعت الكرسي من تحت الرئيس زين العابدين بن علي وابتهج العالم بان هناك في الوطن العربي ما زالت أنفاس قادرة على التحريك والتبديل وكلنا نعرف بعد ذالك مجريات الحدث في الساحة التونسية إلى أن  نصل لتاريخنا الآن وما يجري من قتل وإرهاب وحالة عدم استقرار امني في البلاد ،فبدأ الشعب يبدلون أقوالهم ليس أمام المحقق بل أمام أنفسهم وثلة كبيرة تصرح علانية أن الأمر سرق منهم وسرقت ثورتهم وبعضهم يقول هي طبخة أجنبية لتمرير مخطط ظهرت ملامحه بعد ذالك في البلاد العربية ..ويمكن أن نعنون الواقع الآن في تونس تحت عنوان (واقع مر ومذاق علقم )أي لم تنتج الثورة إي من أركانها ومطالبها على ارض الواقع بل زادت الأمور كما يقال الطين بله وساءت أحوال الشعب المعيشية والأمنية وحتى الانتخابات أصبحت بيد محرك لها يحركها كما يريد، وبتدقيق في ملامح الامور وقراءة لمجمل الحدث الواقع يمكننا ان نصل لحالة يقين ان أحداث تونس ما كانت الا صراع  انجو أمريكي على أرضه، ونفذ بدماء شعبه ورفع حالة الغليان في الشارع من البداية واستغلال واقع المعيشة لدى المواطن  وهي حالة ذكية لدرجة عالية ويتم فيها القتل وتحقيق الهدف عبر ادوات لا يكون فيها المتسفدي قد خسر شيئا من مدخراته .
وتتابعت الأمور أو الطبخة وبدأ التحريك لها عبر مغرفة الأجنبي المفكر والمدبر وهذه المرة عبر ركن ليس بالبسيط في الواقع العربي وبدولة لها قوتها وامتدادها العربي جمهورية مصر العربية وكلنا يعلم تفاصيل الأحداث والمجريات فيها من ميدان التحرير للدم المسال على الأرض والأرصفة لواقعة الجمل  لميدان رابعة  لتغير الإحداثيات حسب المستجدات للغطرسة الأمنية الكبيرة لمحاولة زج الفلسطينيين في الأمر بواقعة تهريب السجناء وخمدت النيران بتنحي الرئيس حسني مبارك عن كرسي الرئاسة ،سؤالنا هنا  هل أنتجنا شيء مما أردنا أو رسمنا هل كان للكيان الإسرائيلي عيون مغمضة عن المجريات وأنها لم تكترث بالتبديل والتغير وهي التي بخط مواجهة واتفاقية سلام طويلة المدى مع مصر الجواب سيكون لا طبعا لم ننتج ما أردنا ولم تغفل إسرائيل عن الواقع والتغير ولم تكن العقلية الأجنبية والمتمثلة بأمريكا غافلة عن الأمر حتى بدأ التغير في ملامح الصورة والانتخابات ودخول الإخوان المسلمين للقصر الجمهوري متمثلا بالرئيس محمد مرسي (الإخوان المسلمين )جماعة ليس من العقل  والحنكة الغفلة عن التحرك لها ولا أن تمر الأمور كما يريده البعض بل يجب أن تمر حسب الرؤية لمن بدأ الطبخة وألقى ملحها والبهارات وما خطط للأمور سابقا  حيث أولت إسرائيل منذ نشوئها وحتى اليوم اهتماما كبيرا بمصر وبدورها بالغ الأهمية في معادلة الصراع العربي  الإسرائيلي، سواء في مرحلة الحرب بين الدولتين أو بعد توقيع اتفاقية السلام بينهما. ويعود هذا الاهتمام لعاملين أساسيين أولهما: قوة مصر الذاتية بوصفها دولة كبيرة ومتماسكة، وفيها طاقات كامنة وعوامل قوة تجعلها القوة العربية القادرة على الصمود أمام إسرائيل والتصدي لها وثانيهما: دور مصر العربي والإقليمي الذي مكنها من تبوّء العمل العربي المشترك فترة طويلة. لم تنه اتفاقية كامب ديفيد ـ من المنظور الإسرائيلي ـ الصراع بين مصر وإسرائيل، لكنها منحته شكلاً جديداً فبعد توقيعهما المعاهدة استمر الصراع على جملة واسعة من القضايا، وبهذا الحال كان لإسرائيل يدا ودراسات حثيثة في مصر والتحرك بشكل سريع بأي حدث يكون على الأرض ومن خلال الكثير من الأوراق والوثائق المسربة نجد أن لإسرائيل كان دورا كبيرا في الثورة المصرية وتحرك واسع النطاق فهي ذاك الكيان الذي لا يترك الأمور تمر بسلام من أمامه دون تدقيق وتمحيص والاستفادة
ولم تهدا الأمور وتغيرت الملامح حتى ثار الشعب مرة أخرى ليكون  عبد الفتاح السيسي قائداً لثورة ثانية على الرئيس مرسي وإيجاد حالة من التخبط في الجسد المصري  ففئة تؤمن أن الأمر انقلاب وفئة تؤمن انه حق يعود لأصحابه بعد أن حاول الإخوان الاستيلاء على البلاد بفكرهم وتجيره لمصالحهم واتخاذ القصر الجمهوري قاعدة اخوانية من خلالها يتم الفصل في الأمور وتحريكها ،وهنا لسنا بمعرض الشروحات وفي  عن المجريات ولكن لنوضح الفكرة في البداية ونتتبع الأمور وتبعتها ثورة 17فبراير الثورة الليبية ولك  أن تتخيل ما يحصل الآن فيها واستخدام الحنكة ايضا في ازالة حكم استمر لمدة اربعة عقود متتالية  ولكن كيف تم هذا سنعطي دلالة من اقوال  الكاتب الأمريكي “برايان بيكر” أعاد استخدام مصطلح “محور الشر”  في حديث له ليشير به إلى تآمر كل من الرئيس الأمريكي “باراك أوباما”، والفرنسي “نيكولاي ساركوزي”، ورئيس الوزراء البريطاني “دافيد كاميرون” على ليبيا واتفاقهم على التدخل العسكري فيها.خدمة لمصالحهم وانجاز المخطط الذي رسم للبلاد

وتتبع الثورة اليمنية وما يحصل في اليمن السعيد ثم الثورة السورية وما أفرزت بالذات على الواقع الفلسطيني من أمور  ومجريات للحدث اجبر الفلسطيني ان يكون فيها مرغما وليس برضا في كل الأحوال وهذا يظهر  من وقائع مخيم اليرموك إلى وقائع في الداخل الفلسطيني
وها نحن الآن في حدث صرخت فيه كل شعوب الكرة الأرضية حرب غزة والغطرسة الصهيونية والجبروت الداعم الاميريكي  وهنا يطرح السؤال الأهم ما هي أسباب الحرب
هل حقا أن سلاح المقاومة والصواريخ والأنفاق هي سبب الاجتياح والاغتيالات وكل هذا العدد الهائل من الشهداء
ويأتي هنا سؤالا بشكل مستعرض
ماذا لو توقفت هذه الصواريخ وهدمت الأنفاق كما يطالب نتنياهو وعصابته فهل ياترى ستتوقف إسرائيل حربها هذه وينتهي الأمر بسلام وهدوء  وهل سيتم الانسحاب بشكل كامل من الضفة الغربية وترتب الأوراق ويعطى الفلسطيني حقه

بتمعن في الواقعة يكون جواب السؤال طبعا لا فالقصة في الخلاصة ليست قصة الصواريخ الفلسطينية أو الأنفاق وإنما قصة خطط ونوايا وأجندات خفية مبيتة تهدف إلى إعادة صياغة مشروع الاحتلال من جديد وفقا لموازين ومعادلات القوى والأحوال العربية والإقليمية والدولية وجذب الأمر لمحور كما أسلفنا ونزعه من محور أخر والدليل على هذا أن المؤتمر الدولي الذي تم عقده في باريس لبحث الأوضاع في قطاع غزة، بدعوة وزراء خارجية قطر وتركيا، دون دعوة مصر أو السلطة الفلسطينية، يعد تطورا سياسيا بالغ الخطورة يحاول أن يتجاوز المبادرة المصرية حيث لن يتمكن أية طرف من إيجاد حل للأزمة في قطاع غزة يتجاوز الدور المصري
فواقعة الحال هي تغير وجه العالم الإسلامي في المنطقة وترتيب الأمر ضمن محاور عميقة المدى خطط لها مسبقا وبتسارع كبير تسير كل المحاور بوقت واحد فمنها ما يسير لترسيخ المحور الإسلامي وتوجيهه ومحور أخر يتوجه إلى تركيا كوجه جديد يحيط المنطقة بحالة أمنية وبحزام  امني  ومحور بوجه أخر يتوجه لإيران كمقاومة ويبقى بين ثلاثية المحاور تناقضات يحاول الأجنبي ومن يرتب الأمور وصلها في حين أو جذبها في حين أو قطعها في حين أخر

وبقراءة  لما يحدث وتتبع مسار الثورات للان يكون لدينا القدرة أن نكون فكرة ونكتب ما نريد من ملامح للصورة أن الغرب كان بقدرة على أن يقنعنا بالبداية بوجوب أنتاج طبخة ذات مذاق فريد ليحركنا من داخلنا لقتل أنفسنا كما هو الآن باختراع ما يسمى بداعش والنصرة ودلائل الصورة في سوريا والعراق ذات دلالة ثم إنتاج حالة كسر العنق السورية وامتدادها وتجيش بعض الدول العربية لإنتاج الأمر ويبقى الحدث الأهم الآن انتاجات حرب غزة ومن الذي سيكون المستفيد الأول والأخير وهنا نتحدث عن الاستفادة السياسية وأركانها وإبعادها الإقليمية ولا نتحدث عن ما قد يرموه لنا دول الغرب من فتات خبز ويسرقون رغيفنا
إذن طبخة تقام في الدول العربية نيرانها وحطبها الشعوب وممولها حكومات الدول العربية جبرا وقسرا وليس رضاً والمستفيد هو صانع الطبخة ومن يقدر ملحها والبهارات والتذوق لكم أيها الشعوب العربية ،فمع إثبات القدرة على صنع ما يريد وركيزتنا هي حالة الفوضى وعدم القدرة على التحليل وتقلبات الأمور وعدم الثبات على وعي إدراكي لدينا كشعوب عربية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى