‘سبايا دولة الخرافة’ رواية عن معاناة المسيح في الموصل

علي لفته سعيد

تحاول رواية “سبايا دولة الخرافة” التي كتبها الروائي والفنان التشكيلي العراقي عبدالرضا صالح محمد أن ترسم ما حصل في الموصل لحظة احتلالها من قبل داعش عام 2014 وتحديدا في سهل نينوى، فهي تستقصي عائلة مسيحية بطلها أستاذ مسيحي في جامعة الموصل وما تعرض له وعائلته ومواطنوه من أعمال قاسية على يد داعش.

ولأن المؤلف من مدينة العمارة، فإن الأحداث التي قد تتبادر إلى الذهن تبدو متخيّلة الاستماع لقصص تعرضها الفضائيات، لكن المؤلف يقول إن الأمر كان صعبا وقد استغرق العمل مدة عامين، لأنه من “الصعب الحصول على معلومات في ظلّ محتل أرعن لا يعير للقيم وزنا، ولكن بجهود بعض الأصدقاء صار ذلك ممكنا، فمنذ الأيام الأولى للسقوط كانت الهواتف تعمل، كنت على تواصل يومي مع نخبة من كتاب ومثقفي الموصل لنقل ما يدور في المدينة من أحداث يومية ولمدة شهرين، بعدها انقطع الاتصال”.

والرواية الصادرة عن دار أمل الجديدة السورية، والتي تقع في نحو 235 صفحة من القطع المتوسط، يقول عنها كاتبها على الغلاف الأخير “إنها تتناول رحلة الأستاذ الجامعي المسيحي النازح الذي ترك عائلته وكل ما يملك بعد تعرضه للتهجير القسري، وقد قتل داعش جده دانيال وسبى عمّته ميريام مع من قُتل وسُبيَ”.

الرواية تتناول رحلة هذا الأستاذ الذي يعود إلى الموصل متطوّعا في قتال داعش والبحث عن عمّته ميريام المخطوفة، رحلة شاقة والتطوع ليس هينا والوضع العام محكوم بصراعات سياسية، وما بين الغاية من التطوع لتحرير الموصل والهدف لتحرير عمته يجد من يساعده على تنفيذ الاثنين معا في شخص صديقه ضابط المخابرات المقدم وليد أبوخالدة.

ووسط هذه الرحلة العجائبية في زمن عجائبي قاتل ومدمر يستطيع الأستاذ الجامعي التوغل في عمق داعش ويتمكن من إنقاذ عمته، ويكتشف وهو هناك أكذوبة الدولة من خلال التصرفات اليومية لعناصر داعش.

ربما الرواية لا تخلو من الجانب السياسي والرأي الموجه وطريقة الروي التي تريد الوصول إلى ما مفاده من سؤال عريض وكبير: من صنع داعش وهيأ له كل مقومات البقاء ووسائل القتال الشرسة من إعلام مظلل، وأبواق سوء، وأسلحة دمار فتاكة، وأموال طائلة؟

الروائي، كما يقول، لم يكتف بالاستماع إلى القصص الحقيقية من الأبطال والشخوص وأصحاب الحكايات، بل إنه ذهب إلى الموصل وتحديدا إلى ساحلها الأيسر، ليتواصل مع مثقفي المدينة ويقوم داخلها بجولات ميدانية ليأتي المكان مصورا على الواقع وليس على المخيلة، بل إنه التقى بجورج دانيال ليعطيه الكثير من المعلومات، ليس عن واقع داعش والمدينة، بل عن الكنيسة وواقع المسيحيين، كما يلتقي هناك مع الهاربين من داعش.

والرواية هنا ابنة لحظتها، وربما هي الأسرع في التدوين متزامنة مع تحرير الموصل، لأنها تبدأ كزمنٍ محكي من يونيو 2014 حتى يونيو 2017، حيث تحرير الجانب الأيسر، لكنها كزمنٍ روائي تمتد إلى الأربعينات من القرن الماضي حيث حياة المسيحيين.

وإذا كانت رواية “عذراء سنجار” للروائي العراقي وارد بدر السالم تتحدث عن الأيزيديات، فإن رواية “سبايا دولة الخرافة” لعبدالرضا صالح محمد تتحدث عن المسيحيين، وتسعى لإبراز التنوع العرقي والقومي والبشري والثقافي للعراق، مثلما تحاول أن تغطي تنوع الحياة العراقية بكل ما فيها من جمال وإثبات وحدة العراقيين.

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى