رؤية عمودية .. ل “عبدالرحمن القلق”

-عبدالرحمن القلق- خاص (الجسرة)
أفردُ يديّ وأباعد بيني و بينهما ما استطعت، موهمًا نفسي أن هذا الجسدَ النحيل قلعةٌ و اليدان أبوابها.
أفتحُ الأبواب.. أبدأ بالتفتيش عنك في جسدي..
ثم كي أتمكّن من النّظر إليّ بشكلٍ عاموديّ؛ أسايرُ انزلاق العتمة وأرمي بكتليَ اللحمية دفعة واحدة إلى الأرض.
هكذا.. أستطيع أن أفتّش نفسي بنفسي – وللمرة الأولى – هادئا بدون فوبيا حواجز التفتيش أو الشرطة الحدودية.
أفتّش ..
الورق يملئ زوايايَ الحادة محوّلاً إياها لسربِ سطورٍ زرقاء متداخلة، تارةً تلمحني وأنا جالسٌ بينها مثلَ فلاحٍ متعبٍ عند الظهيرة، وتارةً أخرى تراني هاربًا، خائفاً أن تلفّني وتخنقني .
العينان – رغم كلّ سيّاراتِ الضوء الوقحة التي تحاولُ اختراقهما – واسعتان ، لا أقدر على إغلاقهما حينما تلمع عين الموت في وجه أهلي.
أفتّش نفسي بنفسي.
ما من شيء هنا!
أتساءل :
إلى ماذا تتّكئ هذي العظام إذًا؟
من أين تتداخلُ الروح مع جسدها؟
أفتّش نفسي ثانيةً ..وكمهوسٍ أعدّ عيوني كلّها،
ثم
ألاحظ كم أنه من المُتعبِ على المرء أن يفتح في لحمه عينًا ثالثة!
أضحك .. هذا فعلتهُ يداي .. وإلا كيف أراك؟
أعدّ أسناني كلّها ثم -لرغبةٍ ما- أعضّ ساعدي اليمنى.
وأعترف أن الكتب لم تجعل منها أثخنَ مثلما تمنّيتُ – قبل اثني عشر عامًا- حينما ضربني زميلي في المقعد الابتدائي! إلا أن أعصابها اتّخذَتْ أشكالاً هرميةً في نهايات الأصابع.
ليس لذلك علاقةٌ بنادٍ رياضيّ أو ما شابه ذلك!
بل ربما كانت ضريبة عزلةٍ جنسية أنكرها، أو بقايا قصائد تفجّرتْ في جوفي بينما كنت أحاول نفثها من فمي!
ما من شيءٍ هنا إلا جسدًا عشرينيًا – حسب التّقويم- !