دون كيشوت عربياً – مهتدي مصطفى غالب

الجسرة – خاص
فيما كان الليل يتوكأ على عكاز الغروب قادماً من كلِّ الآفاق ،
تعالت أصواتُ طبولٍ تدقُّ
…دُمْ….دُمْ….دُمْ…
لقد بدأت المعركة….
حملت نفسي….
أمسكت قبضة حذائي سيفاً….
حملتُ سروالي فوق رأسي راية…
ركبت قدميَّ العاريتين خيلاً
((ها قد أصبحت جاهزاً للمعركة … لكن …أين هي المعركة ؟؟!!))
بدأت البحث في كلِّ الاتجاهات و الأزقة …
وصلت الأفق الغربي …
بضعة أطفال يتناقلون العالم بأقدامهم كالكرة …
سخروا مني كثيراً ..
عَرَضْتُ لهم مشهداً مأساوياً …
فجأة تذكرت أني أبحث عن المعركة، حين سمعت طبولها تدق من جديد… دُمْ…دُمْ…دُمْ…
عدت أبحث في كلِّ الأنحاء..
وصلت الأفق الشرقي :
هناك …
رأيت الناس يغطون بهدوء في شوارع الكسل و الفقر…
و القاذورات تغطي وجوههم حتى العظم …
قالت أفواههم : خُذْ …ارتدِ ثيابنا،نحن معك في رحلة البحث عن المعركة … و الأفضل أن تبحث أنت…و حين تجدها…اتصل بنا … نحارب معك…
عاودت البحث مرة أخرى …
فجأة تحول كلُّ شيءٍ إلى صحراء قاحلة، كثبان متناثرة هنا و هناك … و في البعيد لاح لي سرابُ واحةٍ خضراء ، اقتربت منها ، أعجبتني …تركت خيلي و شربت من مياهها حتى الثمالة …
تعالت دقات الطبول ..
اقتربت مني صبيةٌ سمراء عيناها رائعتا السواد …
شفتاها دعوة للقبل..،..
اقتربتُ منها، تصاعدت طرقات الطبول …
اقترب صليل السيوف،
لم أرَ إلا ثلة من الحرس المدججين بالسلاح، يحيطون بهذه الصبية و رماحهم اتجهت إلى ثدييها…
– اقتربي أيتها الحسناء
– اغرب عن وجهي …أيُّها القذر
تعالت الضحكات الشبيهة بعواء الذئاب،
لوحت بسيفي .. سقط على رأسي ..
دارت بي الأرض،تغيرت الألوان …
تحولت الصبية إلى طفل صغير …
يحبو في شوارع مدينتنا …
يحبُّ أن يحمل مقلاعه ..
ليقذف بالحصى المصابيح ..
و يزيد عتمة الدرب..
دُمْ…..دُمْ…..دُمْ…
صحوت من غفوتي على صوت الطبول تقرع …
و السيوف التي تصلُّ ،
حملت سيفي …
ركبت حصاني القصب …رفعت سروالي راية …
رأيت الصبية فاتحة فخذيها …
و بينهما تتوضع آلاف الطعنات الوحشية ،
ثدياها …مقضومان بأسنان الاغتصاب …
و في البعيد لاح لي غبارٌ متصاعدٌ من خيولٍ أتمت مهمتها …
جلست قرب الضحية ..
الطبول لا زالت تُقرع …
و صوتها يتعالى …
تناولت خنجراً سقط سهواً من أحد القتلة ،
أغمدته في صدري ..
حينها …
بدأ صوت الطبول يتلاشى …
و صليل السيوف يبتعد …
حينها عرفت أن المعركة في داخلي