عيسى المالكي لـ الشرق: أرفض فكرة الجداريات لأن عمرها الزمني قصير

سمية تيشة

شدد الفنان التشكيلي عيسى المالكي، على ضرورة المحافظة على التراث ونقله عن طريق الفن للأجيال القادمة، لافتا إلى أن أغلب فناني الجيل الحالي متجه إلى الحداثة والتجريد، وإلى الفن المفاهيمي الذي يدعو إلى التجديد وامتطاءً لصهوة الحداثة والتطور بعيدا عن التشبث بالتراث.
وأوضح المالكي في حوار خاص لـ الشرق، أنه لم يغب عن الساحة الفنية، وأنه لا يزال في أوج عطائه، إذ يعمل حاليا على إنجاز لوحات فنية خاصة، في حين أن لديه الكثير من المشاريع الفنية خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أنه لا يدير أذنه للاتهامات التي تطوله حول تقصيره تجاه الفنانين الصاعدين، وأنه يقدم باستمرار دورات وورشا تدريبية وبابه مفتوح للجميع دون استثناء.
وأشاد المالكي بالمبادرات الفنية التي يتم إطلاقها سواء من متاحف قطر أو غيرها من مؤسسات الدولة، التي أسهمت بشكل كبير في إبراز عدد من الفنانين وأتاحت أمامهم إظهار مواهبهم وقدراتهم، موضحا أنه لا يؤيد فكرة الجداريات لأن عمرها الزمني قصير، ولكن يرى أنها تسهم في تحفيز وتشجيع الفنانين.

* لوحظ غيابك المستمر عن الساحة في الآونة الأخيرة، فما السبب؟

– لم أغب عن الساحة التشكيلية بشكل كلي، وما زلتُ في أوج عطائي، ولكن لديّ حاليا بعض المشاريع الفنية الخاصة بي، إذ إنني أعمل على لوحات فنية خاصة، في حين أنني حريص على المشاركات في المعارض الفنية التي تقام على أرض الواقع، ولديّ الكثير من المشاريع الفنية خلال الفترة المقبلة.

*هل ما زال الفنان عيسى المالكي محتفظاً بلقب “فنان الوطن”، في ظل كثرة الأعمال الفنية المقدمة في حب الوطن؟

-لله الحمد ما زلتُ محتفظا بقلب “فنان الوطن”، وفي اليوم الواحد يأتيني عدد من الطلبات لإنجاز لوحات في حب الوطن، وهناك من يحرص على اقتناء لوحاتي لأنها تعكس التراث القطري وطبيعة الحياة في الماضي والحاضر، وبشكل عام الفنان يعطي لوطنه ولا ينتظر أي لقب.

فكرة الجداريات

*ما رأيك في المبادرات الفنية التي يتم إطلاقها لتشجيع الفنانين وتطوير قدراتهم الفنية؟

– لا أحد يمكن أن ينكر أهمية هذه المبادرات الفنية التي يتم إطلاقها سواء من متاحف قطر أو غيرها من مؤسسات الدولة، فقد أسهمت بشكل كبير في إبراز عدد من الفنانين الذين وصلت أعمالهم الفنية إلى العالمية، إلى جانب ذلك أتاحت الفرصة للمبدعين الشباب لإظهار مواهبهم وقدراتهم من خلال إعطائهم مساحة للتفكير والإبداع والابتكار، ونأمل مزيدا من هذه المبادرات الفنية.

* وكيف وجدت مبادرة الجداريات، أي الرسم على جدران المدينة لإضفاء المعنى عليها؟

-لا أؤيد فكرة الجداريات وقد يختلف معي الكثير، فالجداريات من وجهة نظري عمرها الزمني قصير، نظرا لبعض عوامل الطبيعة التي قد تؤثر مع مرور الوقت سلبا على تلك الأعمال الفنية، وتفقد بريقها، ولمعانها، ولكن بشكل عام أرى أن فكرة الجداريات بحد ذاتها فكرة محفزة ومشجعة لدعم الحركة الفنية في الدولة، ولدعم الفنانين أيضا.

*ما ردك على من يقول إن عيسى المالكي لا يقدم من خبراته للجيل الجديد؟

– لا أدير أذني لهذه الاتهامات، فأنا من الفنانين الذين يعملون بصمت، ولا أحب البهرجة فيما أقدمه للساحة الفنية، فقد قمتُ بتدريب عدد كبير من الفنانين الشباب الذين اعتبرهم اليوم من أهم الفنانين في الساحة التشكيلية، وباستمرار أقدم دورات وورشا تدريبية وبابي مفتوح للجميع، فأنا أقضي وقتي بين أعمالي الفنية الخاصة التي أنجزها وبين تدريب الفنانين ولكن لا أتحدث أبدا عن ذلك والمقربون لي يعرفون ذلك جيدا.

الحداثة والأصالة

* ذكرت أن الجيل الجديد متجه أكثر إلى الحداثة، برأيك ألا يؤثر ذلك على التراث والمحافظة عليه؟

– بالتأكيد يؤثر، ولكن هناك فنانين من الجيل الجديد لا يزالون متمسكين بالتراث والواقعية، ومن الجميل جدا أن يتم التوازن بين التراث والحداثة، وفي نهاية الأمر لا نستطيع أن نتحكم بأذواق واتجاهات الفنانين، فالفن يحتاج إلى التنوع، ولكن من المهم جدا المحافظة على التراث ونقله للأجيال القادمة وحتى نقله للخارج أيضا.

*هل لديك خطة لإقامة معرض شخصي في الوقت القريب؟

– أحتاج إلى وقت لإقامة معرض شخصي؛ خاصة في ظل الظروف الحالية التي نعيشها بسبب جائحة كورونا، والحقيقة أنا لا أفضل المعارض الافتراضية، من الصعب أن تقدم الأعمال الفنية كما هي على أرض الواقع، ولا يمكن أن تفي بالغرض، فاللوحات الفنية هي عبارة عن ألوان وهي متعة للعين والبصر وقد يفقد المتلقي هذه المتعة في المعارض الافتراضية، ولكن بإذن الله لديّ خطة بإنجاز أعمال فنية ضخمة لمعرضي الشخصي قريباً.

*ختاماً؛ ما الذي تود قوله للمجتمع وللفنانين من الجيل الصاعد؟

– كل شخص يكتشف في ذاته موهبة عليه أن يسعى، ويجتهد من أجل تحقيق ذاته، وإعطاء هذه الموهبة حقها، وخوض دورات تدريبية لتنمية مهاراته وقدراته، في حين عليه الاستفادة من خبرات الآخرين وتجاربهم، وعدم الاكتفاء بالتعليم الذاتي، إلى جانب ذلك ضرورة الدعم والتشجيع من قبل الأسر لأبنائهم، وتذليل كافة الصعوبات التي قد تواجههم، فأي موهبة تبدأ صغيرة ثم تكبر بالدعم والخبرة والتجارب.

أهمية الدعم

*برأيك ما الذي ينقص الفنان المواطن ؟

– قبل أن أتحدث عما ينقص الفنان القطري، لابد أن أوضح أن الإنسان أيا كانت مهنته، عليه ألا ينتظر الدعم من أحد، وعليه أن يواصل مشواره، ويدعم نفسه بنفسه، ولكن في نفس الوقت لا يمكن أن ننكر أهمية الدعم من قبل الآخرين ومن قبل المؤسسات بالدولة، فالفنان القطري قد لا ينقصه الدعم، إلا أنه يسعد عندما يجد من يقتني أعماله الفنية الذي يمثل له أكبر دعم في مشواره الفني.

نقطة خلاف

*هناك نقطة خلاف قائمة بينك وبين بعض فناني الجيل الجديد حول أعمالهم الفنية التي تتجه للمفاهيمية أكثر؟

-لا أعتبرها نقطة خلاف، ولكن أنا بشكل عام متجه للواقعية ولا أحب التجريد، لأنني أعتبر نفسي جزءا من الماضي، أنتمي إليه بقوة، والأعمال المفاهيمية هي أعمال تتجه إلى الفن الحديث والمعاصر، لذا فهناك من يرى أنني ضد هذه الأعمال الفنية، على العكس أنا أدعم الفنانين من الجيل الجديد، ولكن أميل إلى الواقعية، لأنها تعكس واقع حياتنا، في حين تأخذنا إلى الماضي والذكريات المرتبطة بهذا الزمن، وبشكل عام هناك إقبال كبير على الواقعية، لأن العمل الفني يتسم بجماليات اللون.

المصدر: الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى