إبراهيم الجيدة رئيس مجلس إدارة النادي لـ”الشرق”: الإبداع المحلي في بؤرة أولويات الجسرة

ستة عقود قضاها نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي، منذ نشأ في عام 1960، ليضخ إلى الساحة الثقافية العديد من الأنشطة والفعاليات، التي شكلت رافداً مهماً لإثراء الحياة الأدبية والفنية والفكرية، ليس في داخل قطر وحدها، ولكن على مستوى العالم العربي.
وحول مدى استحضار هذا الدور التاريخي للنادي، بإقامة احتفالية تستعيد عراقته، وتبرز ما تم انجازه للجيل الحالي، فضلا عن توثيق مسيرته. كان لقاء الشرق السيد إبراهيم بن خليل الجيدة، رئيس مجلس إدارة نادي الجسرة، الذي يؤكد طموح النادي في إقامة احتفالية واقعية تليق بتاريخه، ويُدعى إليها رموز الثقافة العربية.
كما لم يغفل الحوار نشاط النادي حالياً، على خلفية آثار كورونا، وكيفية مجابهته لهذا التحدي، علاوة على التوقف عند دور النادي في استقطاب المبدع المواطن، بالإضافة إلى رصد انعكاسات إصدارات النادي على إنتاج المبدعين، ومدى تحقيق التوازن بين إثراء الثقافة المحلية، والانفتاح على الأخرى العربية، فضلاً عن الحديث عن مدى استفادة المبدع الشاب من الحُلة الجديدة للموقع الإلكتروني للنادي، وإطلاقه تطبيقًا للهواتف الذكية، وذلك على نحو ما جاء في السياق التالي:

* في ظل استمرار تداعيات كورونا، كيف يتعامل نادي الجسرة مع هذه الآثار، بما يجعله يؤدي دوره في رفد الساحة الثقافية بكل ما هو مبدع وخلاق؟
** لا شك أن هذه الجائحة “فرملت” العديد من الأنشطة، ونظرا لما يحدث من الكثير من الإغلاقات حفاظا على الصحة العامة أصبح يصعب إقامة أنشطة جماهيرية حضورية. وحرصا من النادي على أداء دوره صرنا نعتمد كثيراً على المنصات الإعلامية الإلكترونية لتنفيذ كثير من الأنشطة حيث تم تقديم العديد من الورش والمحاضرات عبر منصتي “انستغرام” و”زووم”.
وقد بدأنا منذ بداية رمضان تنفيذ مسابقة دينية تستمر طوال الشهر الكريم بمعدل سؤال يومي عبر جريدة “الشرق”، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، كما يتم من خلال المنصات الالكترونية تقديم محاضرات دينية. كما سيتم الاحتفاء بليلة القدر أيضا دون أن ننسى ما دأب عليه النادي من الاحتفال بليلة القرنقعوه.
كما قمنا بإصدار تطبيق إلكتروني – كما سبقت الإشارة- لتسهيل وسرعة التعريف بأنشطتنا وهذا التطبيق من خلال الهواتف الذكية سيمكن المتابعين من التعرف على أنشطة النادي سواء الإصدارات قديمها وحديثها ومنها مجلة الجسرة وسلسلة قضايا ثقافية ومجلة التشكيلي العربي ومجلة السينمائي وزيارة موقع نادي الجسرة والاستماع إلى إذاعة الموسيقار عبدالعزيز ناصر، آملين تحقيق المزيد، حريصين على التعامل مع مختلف المستجدات.

النشر الأدبي

*كانت للنادي تجارب سابقة في عملية النشر الأدبي، فلماذا توقفت؟ وهل من الممكن استئناف هذا الدور؟
**بالتأكيد هذا هدف مهم من أهداف نادينا ونحن نخطط لنشر كتاب الجسرة بعدما أصدرنا 7 مجلدات تضم ذاكرة نادي الجسرة واستضافة رموز الثقافة العربية في محاولة لتصبح النوافذ مشرعة على فكر العالم. ولن أخفيك أن مشروع نشر الكتب التي تقصدها في انتظار الميزانية ليرى النور على الفور.

*كان هناك توجه لإعادة الفرق الفنية لنادي الجسرة، فهل ما زالت ذات الفكرة قائمة؟
**بالتأكيد لا تزال قائمة ولكن تراجع الفرق الرسمية الذي يشير إليه الدكتور حسن رشيد في مقالة له وانصراف الشباب اليوم عن الانخراط في بروفات هذه الفرق الفنية يجعلنا نتمهل قليلًا.
*بعد مرور قرابة ستة عقود على إنشاء النادي، لماذا لم تكن هناك ثمة احتفالية، ولو افتراضية على الأقل، تستحضر عراقة النادي، وتبرز دوره التاريخي بالمشهد الثقافي حاليًا؟
**نطمح إلى تنظيم احتفالية واقعية تليق بأهمية الحدث الذي تفضلت أنت بالإشارة إليه، ونأمل أن يشاركنا الاحتفال رموز الثقافة العربية من الرواد الذين لا يزالون على قيد الحياة، وهذا مشروع تشترك فيه جهات الدولة.

وربما تلاحظ أننا في العدد الجديد من مجلتنا “الجسرة” نشرنا موضوعات مع أكثر من سياسي ومفكر ومبدع عربي أسهم في أنشطة نادينا بالمحاضرة في صالونه مثل: منح الصلح، وثروت عكاشة، وفتحي غانم.
وقد كان تجاوب القارئ رائعًا مع هذه النوعية من الموضوعات التي تنبش في ذاكرة نادينا وتؤكد صواب القائمين عليه في جعله نافذة للآراء الحرة المستنيرة.

تنوع ثقافي

*ما طبيعة الحُلة الجديدة لموقع نادي الجسرة الإلكتروني؟
** تتمحور طبيعة التطوير الجديد للموقع الالكتروني لنادي الجسرة في جانبين: جانب الشكل، وجانب المضمون. فمن حيث الشكل، عمدنا إلى توحيد تصميم “لوجو” المجلة والموقع الإلكتروني للنادي وكذلك توحيد نوع شكل خط الكتابة المستخدم فيهما، واعتماد اللون البرتقالي، باعتباره لونًا له حضور مبهج في نفوس الزائرين للموقع، وأنجزنا تصميمًا جديدًا لأقسام الموقع لا سيما صفحته الرئيسية، وهو ما سيلمسه الزائر المتابع بعد أيام قلائل.
أما من حيث المضمون، فقد واكبنا استحداثنا لعدد من الأقسام الجديدة بالحرص على التنوع الثقافي في المواد التي تجتذب الزوار بحيث تستجيب لشغفهم المعرفي، ورغبتهم في العثور على وليمة ثقافية متنوعة المشارب. كما نعمل على استحداث طريقة جديدة في عرض مواد كل عدد من أعداد المجلة بشكل تقني يتسم بالعصرية ولا يحتاج إلى تحميل المجلة لكل من أراد الاطلاع على مادة فيها، وفي الوقت نفسه لجأنا إلى الكيفية التي يتم من خلالها تحميل العدد بسهولة ويسر لكل من أراد ذلك.
والأمر ذاته نسعى إلى تطبيقه على إصدارات النادي كافة، بحيث تكون أكثر رشاقة وعصرية ويسرًا عن ذي قبل. كما خصصنا قسمًا يضم أهم موضوعات أعداد مجلة “الجسرة الثقافية” ليسهل على القراء الوصول إليها وإبداء الرأي فيها، ولتكون أيسر في القراءة لدى من يجدون صعوبة في تصفحها عن طريق النسخة الـ pdf.

* في هذا السياق، ما الآلية التي تعتمدون عليها لإبراز الإبداع القطري عبر ذات الموقع؟
** يولي النادي الإبداع القطري على وجه الخصوص، والخليجي بوجه عام اهتمامًا كبيرًا، وذلك بتقديم النماذج المتميزة من هذا الإبداع للقارئ العربي الذي يتابع مجلتنا في كل مكان. ولعلك تلاحظ أن غلاف العدد الجديد من مجلة “الجسرة الثقافية” رقم 57 يحمل لوحة بديعة للفنان التشكيلي يوسف أحمد، وهي لوحة تجسد من خلال مخيلة هذا الفنان القدير وريشته صورة الحياة القطرية قبل نحو أربعين عامًا، وتعكس اللوحة طبيعة العمارة التي اتسمت بالبساطة والتي نعم أصحابها بالأمن نتيجة معرفتهم بعضهم لبعض، ولذلك نجد أن أبواب متاجرهم وبيوتهم تظل مفتوحة في وجه أي زائر مرحبة بقدومه؛ فالجميع إخوة ومعارف.
وهدفنا من نشر هذه اللوحة على الغلاف إلى ربط الأجيال الشابة التي لم تتعرف على هذا النمط الخاص من الحياة والعمارة الذي عاشه أجدادهم، ليستلهموا ذلك وهم يخططون لتأثيث بيوتهم في الألفية الثالثة حتى لا يغترب الشباب القطري، وليتعرف على جذوره من اللوحات والمتاحف والقراءة عن تراث أجداده الذي يميزنا عن غيرنا من الشعوب.
وما نقوله عن المجلة ينسحب بالضرورة على الموقع الإلكتروني للنادي الذي ندشنه قريبًا بعد تحديثه تمامًا بحيث يسهم في توصيل رسالة نادي الجسرة إلى القراء الشباب من القطريين في الوطن وخارجه، وإلى غيرهم من الشباب في وطننا العربي وفي المهاجر أيضًا؛ فالمواقع الإلكترونية قصَّرت المسافات بين البشر وجعلتهم بالفعل يعيشون في قرية صغيرة.
وموقعنا ينفتح على إنتاج دور النشر الوطنية والخليجية والعربية والعالمية، كما أنه يسهم في توصيل رسالة الثقافة القطرية ومؤسسات الجوائز بها إلى العالم، ومن ذلك أنشطة وزارة الثقافة والرياضة وغيرها من الجهات التي تهتم بتوصيل رسالتها للعالم. كما يهدف موقعنا ليكون نافذة كل مبدع قطري على العالم، وكل مبدع عربي يقيم على أرض قطر، وكل مفكر أو مبدع عربي أو عالمي نحتاج إلى أن يتعرف مجتمعنا على أفكاره التنويرية.

* إلى أي حد تمكنت مجلة “الجسرة” من تحقيق التوازن بين إبراز الثقافة المحلية، وبين الاهتمام بالثقافة العربية؟
** مجلة “الجسرة الثقافية” تعنى في المقام الأول بتقديم كل متميز في ثقافتنا القطرية مسرحًا كان أم موسيقى أم تشكيل أم كلمة مكتوبة، ومن يتصفح العدد الذي أصدرناه هذا الأسبوع يلاحظ أننا نشرنا موضوعًا مصورًا حول مدينة “الزبارة”. المدينة القطرية التي أدرجتها منظمة اليونسكو على قائمة التراث العالمي، كما نشرنا مقالًا آخر كتبه الدكتور حسن رشيد وفيه يتساءل عن حال فنوننا الشعبية. ولماذا أهملناها؟ وإن كان هذا لا يعني أن نتقوقع على أنفسنا، فتجد أننا نشرنا العديد من الموضوعات ذات الصلة بالثقافة العربية.

تفاعل عربي

*هل هناك ثمة رصد لمدى تفاعل رواد الثقافة العربية مع موقع النادي، وكذلك مجلته؟
**بالتأكيد، فإن ما ينشر على صفحات “فيسبوك” من ترحيب بصدور عدد جديد من “الجسرة الثقافية” يشير إلى مدى سعادة المثقفين العرب بجديد مجلتنا التي تصدر من الدوحة، وما يمكنك أن تعده تجاوبًا إيجابيًا مع العدد الجديد من المجلة هو نشر ترجمتين: إسبانية وفرنسية لما دار من حوار بين والمفكر البرازيلي فرناندو ألكوفورادو ومحاوره التونسي د.أصيل الشابي، على صفحات مجلتنا، وقد نشرت هذه الترجمة على صفحة المفكر البرازيلي على “فيسبوك”.

 

المصدر: صحيفة “الشرق”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى