معرض “بورتريهات” معين بسيسو.. النموذج والذاكرة الفلسطينيان

الجسرة الثقافية الالكترونية-السفير-
*أحمد بزون
لمناسبة الذكرى الثلاثين لرحيل الشاعر الفلسطيني معين بسيسو، وبمبادرة من عائلته يفتتح معرض لوحات لفنانين عرب وأجانب رسموا الشاعر بأساليب مختلفة، السادسة مساء غد الجمعة، في “غاليري أرجوان” (بئر حسن، مقابل قناة “الميادين”)، ويستمر لغاية 17 الجاري.
تعلق في المعرض لوحات “بورتريه” لبسيسو من عشرين فناناً، جلهم من الأسماء البارزة في التشكيل العربي: تمام الأكحل، رفيق شرف، نذير نبعة، مهى بيرقدار، نجا المهداوي، محمود شبر، رشيد القريشي، عبد المنعم القصاص، حسن التلمساني، زهدي، ناجي العلي، جورج بهجوري، منى السعودي، سعاد نصر وأميرة كعوش، إلى جانب الفنانة الروسية مير والفنانة البولندية ماريا أنتو وفنانين مجهولي الاسم، من أوزباكستان وروسيا. إضافة إلى هؤلاء نجد رسماً لوجه بسيسو بريشة الفنان المصري الراحل بهجت عثمان مترافقاً مع قصيدة لصلاح جاهين.
هي بورتريهات، لكنها تقلّب وجوه شاعر أثبت حضوره القوي في مساحة الشعر العربي، وكان بين أوائل الشعراء الفلسطينيين، كما تقدم تعابير ملامحه وحالاته واندفاعه وحركته… في مراحل مختلفة من حياته، شاعراً وإنساناً ومناضلاً فلسطينياً.
ما يؤسف له أن اللوحات التي نراها في المعرض هي صور للأعمال الأصلية، ذلك أن الأخيرة موجودة في غزة، ويصعب نقلها إلى بيروت لإغناء المعرض المقرر، لكن طباعتها بالشكل اللائق قلصت من فقدان متعة النظر إلى عمل فني. علماً بأن لوحتي بورتريه أصليتين تضمنهما المعرض لشبير وكعوش. ويلفت نظرنا أحد الأعمال، وهو عبارة عن لوحة غرافيك للمهداوي أهداها لبسيسو برقم 5/30، وقد أخبرنا ابن الشاعر توفيق بسيسو أن الرقم واحد من نسخها موجود في بيت تشي غيفارا في كوبا.
وبعيداً عن البورتريه أعمال أخرى معروضة، منها لوحة مهداة للشاعر من الكاتب الإيطالي ألبرتو مورافيا، وثانية من الشاعر الباكستاني المعروف فايز أحمد فايز، وثالثة لزهدي. على أن هذه الأعمال نشرت سابقاً في كتب بسيسو.
وتلفت نظرنا لوحتان “ميني سكربت” لمقطعين من قصيدتين بخط يد الشاعر بسيسو: الأولى لم تكن منشورة قبل رحيله، وهي بعنوان “وأنت آيتك الحجر”، كتبها عام 1983، لم تنشر إلا عام 1990، نقرأ منها في اللوحة:
“بيروت أين مشيت يا بيروتُ
كل الأرض يا بيروت دالية ونافذة وظل
بيروت أنت نهاية العصر الرديئِ
وأنت بداية العصر الجميلِ
وأنت شبل الله
أنت الأبجديهْ…
وأنت المجدليهْ
حبلى على المتراس واقفة
وترضع بندقيهْ”.
أما اللوحة الثانية، فتضم مقطعاً من قصيدة “القصيدة”، وهي طويلة (حوالى 60 صفحة):
“إنها أول أيام السفرْ
سفرٌ
سفرْ
سفرٌ
سفرْ
طال السفرْ
عاش السفرْ
سفرٌ
سفرْ”
عن المعرض قال الفنان العراقي محمود شبر، مدير “أرجوان”: “معين بسيسو لا يمثل شخصه، إنما من خلاله يحتفي الغاليري بكل فلسطين، بكل التاريخ المضمخ بالدماء، وقصص البطولة التي تربت عليها الذاكرة العربية الجمعية منذ أربعينيات القرن الماضي حتى يومنا. فعبر حياة بسيسو يمكن أن نتلمس الوجود الحقيقي لفلسطين كقضية وشعب وحالة إنسانية عامة. حيث كتب من المنافي يخاطب الناس جميعاً لحجب الحيف والظلم اللذين وقعا على فلسطين والإنسان العربي”.
وتابع شبر: “كتب بسيسو عن بغداد ودمشق ومعشوقته بيروت وتونس. وبالتالي ارتأينا، من خلال هذه المجموعة من الأعمال التي تقتنيها عائلة الشاعر الراحل أن نقوم بهذا الاستذكار الذي من شأنه أن يحفر في ذاكرتنا جميعاً أملاً نسمو به”.
والتقينا أثناء تعليق أعمال المعرض أيضاً نجل الشاعر، توفيق بسيسو، وهو ثاني أبنائه (يتوسط داليا ومليكة من الوالدة المناضلة صهباء)، قال: “هي ليست ذكرى رحيله وحسب، إنما يفتتح المعرض لمناسبة عيد ميلاده أيضاً (10/10/1926)، وقد أقام المركز الثقافي الفرنسي في غزة في 10/10/2007 معرضاً مزدوجاً له وللشاعر الفرنسي لوي أراغون. فكرنا في ألا يكون الاحتفال تقليدياً، أو يتضمن خطابات تنسى، لذا قررنا هذا المعرض. وفي المناسبة سوف نوزع “المجموعة النثرية الكاملة” للوالد (عن دار الفارابي) وهي مؤلفة من سبعة كتب أنهينا طباعتها مؤخراً، على أمل أن نطبع لاحقاً “المجموعة المسرحية الشعرية الكاملة”، ثم “المجموعة الشعرية الكاملة”، ونعمل على تسجيل نص كرتون للأطفال كان قد كتبه الشاعر”.