“مسرح لمغاربه” أسئلة التأصيل والهوية في الفرجات المغربية

الدار البيضاء – العُمانية
يُطلق أحمد الفطناسي في كتابه “مسرح لمغاربه: أسئلة التأصيل والهوية في الفرجات المغربية”، دعوة لمراجعة البديهية التي تعُدّ المسرحَ الغربي أصلَ كل الفنون وأنه النموذج الوحيد للمسرح وفقًا للنظرة المركزية لـ”العقل الغربي”.
يمثل الكتاب الصادر حديثًا عن مؤسسة الموجة الثقافية، عتبة أولية لنقاش مستمر، بما يطرحه من صيغ ومرجعيات نظرية تتأسس على إثرها الخلاصات الأساسية للكتاب، فما يقترحه الفطناسي في كتابه هذا، “رغبة ابستيمولوجية ملحّة لتخليص الفُرجات المغربية من القشور العالقة، وتحريرها معرفيًّا، وإعادة بنائها ضمن سياقها الخاص”.
ويقول الباحث إن مدخل الهوية “يعدّ أساسيًّا في الاقتراب من العناصر المكونة للفرجة، باعتبارها تعبيرًا عن الهوية الثقافية المغربية”، ويستعرض نماذج تطبيقية لفرجات تشمل الشعائر والاحتفال والكرنفال والعادات المرتبطة بالأعياد، وقادرة على صياغة مكوناتها الجمالية ضمن أداء جماعي تشترك فيه مع مجموعة من الأفراد باختلافات متباينة بين منطقة وأخرى.
ويُشير إلى ما رصده الناقد حسن المنيعي من تحوّلات في تجربة الفنان الطيب الصديقي من خلال مسرحيته “بديع الزمان الهمذاني”، إذ استطاع أن يحدث تحولًا في مفهوم الفرجة في وقت كان فيه المسرح منشغلًا بسؤال البحث عن هوية عربية.
يقدم الفطناسي نماذج من “مسرح لمغاربه” من خلال تطبيقات محددة لفرجات متوارثة تاريخيًّا، مختارًا بذلك طريقًا موازية تكمن في الاقتراب من “فرجات قائمة وتمتلك سندًا تاريخيًّا وهوياتيًّا”.
ويتساءل في هذا السياق: إذا كان التمثيل مشتركًا إنسانيًّا، فكيف لا نستسيغ وجود الفرجة المغربية القديمة ضمن سياقها الخاص، خارج “العلبة السحرية” التي يُراد دفنها فيه، وإلّا يتم نزع “الفنية” والأدائية عنها؟ مؤكدًا أنّ الفرجات الشعبية القديمة تستطيع أنْ تؤكد مشتركها الفني والجمالي، من خلال مكوناتها الداخلية.
وألحق الباحث في نهاية الكتاب معجمًا مصغرًا، ليس بهدف شرح وتفسير الكلمات الأمازيغية أو القادمة من اللغة الدارجة، ولا بغرض جمع المصطلحات المرتبطة بالفرجات المغربية الشعبية، بل للتأكيد أنّ هناك إمكانية علمية للتفكير في إرساء معجم للفرجة.
ويضم الكتاب الذي قدم له الشاعر عبد الحق ميفراني محاور عن الفرجة والهويّة الجمالية، والأسطورة والأداء الفني، والفرجة في النقد المسرحي، وفرجات المغرب القديم، والفرجة والهوية، ومن المسرح الجوال إلى الكرنفال، والفرجات الجماعية.