حديث المجالس (4)

يوميا، يتسابق الزميلان العزيزان: يوسف الحرمي، وصالح غريب، في تغذية ذاكرتي بكل الجرائد العربية والأجنبية، ولهم الشكر الجزيل.. ومن متابعتي لجريدة الأيام البحرينية، أقرأ أسبوعيا مقالات الدكتور/ عبد الله المدني، عن تاريخ من عمل في الإخراج السينمائي في مصر.. وما أكثرهم.
وفي من ذكرهم: الأستاذ/ إلهامي حسن، وقد قام في أواخر أيامه بتدريس مادة السينما لنا نحن طلاب قسم النقد عبر ملزمة (الله وكيلك) وكتاب صغير الحجم لا يشفي غليل القارئ، ويذكر هذا الأمر الإخوة: مرزوق بشير، وغانم السليطي، وسالم ماجد، ومحمد بوجسوم، والحقيقة؛ أن الدكتور عبد الله المدني يورد تاريخ الأستاذ/ إلهامي حسن بالتفصيل، وأن ابن الذوات هذا عشق الفن، وهو نموذج آخر من يوسف وهبي، وإذا كان الآخر قد تحول إلى رمز؛ فإن المرحوم إلهامي لم يحقق ما كان يصبو إليه، فليس الحب أو العشق بدون الموهبة.
وأذكر مثلا أن شابا في الحي عندنا -ونحن أطفال- كان يعشق كرة القدم، وكان والده يشتري له أفضل الملابس، ونحن نحسده على ملابسه، ولكن لم يكن يملك الموهبة.. ذلك أن الموهبة أمر ضروري، ولذا فإن الدكتور المدني يذكر المرحوم إلهامي.. ابن العمدة.. وأحلام والده بأن يكون ابنه مهندسا، وهو ذو ارتباط وثيق بطلعت حرب -ومعروف من هو طلعت حرب- ولكن غلبت عليه شهوة الفن، فأسس شركة خاصة به، وسمعنا -ونحن طلبة- كيف أن أحدهم قد نصب عليه، ولا داعي لذكر اسمه فكلهم في ذمة التاريخ الآن.. والآخر أيضا فنان ومخرج، وإن كان متميزا.. المهم أن المرحوم إلهامي أخرج «خمسة إلهام» وأظنه مثل المرحوم أحمد الطوخي، الذي لم يخرج سوى فيلم واحد، وإذا جلس كان حديثه حول الفيلم الوحيد الذي أخرجه!!
المهم أن المرحوم كان أستاذنا عندما التحقنا بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وكان من ضمن المادة المقررة علينا تاريخ السينما، وكان منهجه ملزمة بجانب كتاب صغير، ومن باب استعراض العضلات؛ استعنت بعدد كبير من المراجع الأخرى، و.. «يا لهول».. كما يقول يوسف وهبي في معظم مسرحياته، كانت المفاجأة أنني قد ارتكبت أكبر خطأ، فصاحبنا لا بد وأن تمشي على خطاه، فما كان مني إلا ان ذهبت إلى أستاذي الدكتور/ إبراهيم حمادي، وكان عميد المعهد، وأخبرته -وكان حكيما- وكان رده: «(واْنْتَ إِيْهِ اللِّيْ خَلاَّكْ تِعْمِلْ العَمْلَةْ السُّوْدَا دِيْ؟)».

** المصدر: جريدة”الشرق”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى