حديث المجالس (5)

- حديث المجالس - 2025-02-11
- حركة النقد في قطر - 2025-02-06
- حكايات المجالس.. الشعر - 2025-01-05
كنت أقرأ ملامح الدهشة والإعجاب على صفحات الوجوه!! كان أبو محمد مسترسلا في أحاديثه، كان الحديث حول قدرة الملحن على تصوير القصيدة، فقال أبو محمد: «هناك فرق بين عبد الوهاب، ورياض السنباطي، والموجي!! على سبيل المثال: كيف تعامل عبد الوهاب مع الجندول والنهر الخالد؟ وكيف تعامل مع نزار قباني؟ استمع إلى مقطع: «حتى فساتيني» ألا تلاحظ أن الفساتين هنا في حالة رقص؟! وانظر إلى محمد الموجي في رائعاته فيما لحن من كلمات نزار قباني…».
هنا صرخ «الملا»: «أنا لا أحب نزار قباني!! من هو هذا؟! إنه شاعر الفساتين.. إنه لا يكتب إلا عن النساء، والفسق، والفجور»، تطلع إليه إبراهيم، ثم هز رأسه وقال: «أصبح عندي الآن بندقية، رائعته مع عبد الوهاب وأم كلثوم، هل استمعت إليها؟! وقصائده عن فلسطين!! وما قدمه عبقري اللحن والنغم المرحوم عبد العزيز ناصر، الكنز الذي فقدناه لحنا وشجنا»، ثم أردف أبو محمد قائلا: «إن نجاح القصيدة المغناة مرتبط بقدرة الملحن على تصوير الكلمات، طبعا هناك فروق في التجارب والخبرات والمواهب والثقافة، لا تنسوا» وهنا توقف أبو محمد قليلا: «المجتمع.. نعم، دور المجتمع مهم جدا، أنا مثلا أعشق الشعر، وعلاقتي الأهم مع مجلس «أبو علي» أن صاحب المجلس من أبرز وأهم الأصوات الشعرية، وإن كان مقلا.. وأنا قرأت ديوانه «فوارس»، أقول أنا من عشاق الغناء، وبخاصة القصائد، أعشق مثلا من بلاد المغرب العربي عبد الهادي بالخياط في رائعته القمر الأحمر».
هنا كلنا تساءلنا حول ثقافة أبو محمد، وكأنما قرأ أفكارنا لأنه أردف قائلا: «مثلا رائعة بدر شاكر السياب، أنشودة المطر التي ترنم بها الفنان الكبير محمد عبده صح؟! هل اللحن على مستوى قصيدة السياب؟!
عيناك
غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
عيناك
حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواء كالأقمار في نهر
يرجه المجداف وهنا ساعة السحر
كأنما تنبض في غور يهم النجوم
أنشودة المطر
مطر.. مطر.. مطر..».
هنا همس في أذن أبو علي قائلا: «هل لاحظت روعة الإلقاء عند أبو محمد؟! ألا يذكرك بجمالية ورخامة ونقاء صوت الدكتور طه حسين – مع الفارق طبعا- أبو محمد ينسج لوحده حالة إبداعية، أما أنا وأنت فلا نعرف مع الأسف (كوعنا من بوعنا)».
قلت: «يا أبو علي.. ولله في خلقه شؤون».
** المصدر: جريدة”الشرق”