لربنا حامدون

- لربنا حامدون - 2025-08-18
- لا تقنطوا… - 2025-08-11
- خليفة - 2025-08-05
هل شعرت يومًا بعظيم أفياء الله عليك فبادرت بحمده؟ وهل وقعتَ في ابتلاء ونجوتَ منه، فحدثتك نفسك بضرورة حمد الله؟ وهل أبصرت حينًا مصائب غيرك، فنبض قلبك بحمد الله الذي عافاك مما ابتلى به سواك؟ كثيرة هي المواطن التي نلجأ فيها إلى حمد الله والثناء عليه بسبب لطفه بنا وإغداقه علينا من نعمه التي لا تُعد ولا تحصى، ولذلك كلّه، أسمى الله نفسه (الحميد) إطلاقًا وإغداقًا، وتفضلاً علينا وتكرُّمًا، فاللهم لك الحمد في كل حال وحين، حميد مجيد لا يُحمد على مكروه سواك، ولا يُستغنى إلا برضاك، الحمد لك حتى يبلغ الحمد منتهاه. إن اسم الله الحميد الذي تلهج به الألسنة في الغدو والإبكار، ويتسيّد التسابيح والأذكار، هو اسم عظيم، حاضر في حياتنا وصلواتنا وعباداتنا؛ فإذا كان قوله تعالى (اِقْرَأ) هو الكلمة الأولى وحيًا وتنزيلًا، فإنَّ قوله (الحَمْدُ) الأَول تلاوةً وترتيلًا، فنحن على موعد لا يتخلف عشرات المرات كل يوم مع قوله تعالى: «الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَميِنَ»، ثمَّ زِدْ ما شاء الله من السنن والنوافل، ثم زد بعدها ما شاء الله من الأذكار في الغدو والآصال، فما أعظمه سبحانه الذي ألهمنا حمده في كل حال قيامًا وقعودًا وعلى الجنوب، ذكرًا بالألسنة وإقرارًا بالقلوب. الحمد لله الذي علمنا كيف نحمده ونعبده، فقد كان بعض الجاهليين من الموحدين من أمثال قس بن ساعدة وورقة بن نوفل يحارون كيف يؤدون لله العبادة، ويبذل كل منهم وسعه واجتهاده، وقصارى جهدهم أن ينزهوا الله عن الشركاء، وينبذوا الأصنام وضلالات الأقوام، وكانوا ظمآى إلى خطة للتعبد والقنوت، يخبتون بها إلى ذي الجبروت والملكوت. فلا عجب أن يفتتح ربنا القرآن العظيم بالحمد، وهي منَّةٌ منه على العبد، وتمهيد لخطاب الحميد، ثم الدعاء بالهداية للصراط المستقيم، أسوة بالمهتدين، وخلافًا للمغضوب عليهم والضالين. ومن أقوال المفسرين وعلماء القرآن وأساطين اللغة والبيان في تفسير اسم الله الحميد قول أبي جعفر الطبري: «والحميد الذي استوجب عليكم أيها الخلق الحمد بصنائعه الحميدة إليكم، وآلائه الجميلة لديكم، فاستديموا ذلك أيها الناس باتقائه، والمسارعة إلى طاعته فيما يأمركم به، وينهاكم عنه». ومن ضمن هذه الأقوال الجليلة يلفتني قول ابن قيم الجوزية رحمه الله، والذي لا يخلو من الجديد البديع دون الجميع؛ يقول رحمه الله: «الحميد هو الذي له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محمودًا، وإن لم يحمده غيره، فهو حميد في نفسه، والمحمود من تعلق به حمد الحامدين». وأخيرًا، وفي ظل التقلبات التي نتعرض لها دائمًا في حياتنا، وفي ظل ما نسمع ونشاهد مِن حولنا، يلزمنا استحضار اسم الله الحميد دائمًا وأبدًا، في السراء والضراء؛ حتى نُكتب عند الله من الحامدين.
@zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
** المصدر: جريدة”العرب”