مبدعون كويتيون يتساءلون: من يقص مخالب الرقابة على الكتب؟

الجسرة الثقافية الالكترونية

#منى الشمري

استهجن مجموعة من المبدعين والكتاب منع ومصادرة مجموعة جديدة من الكتب ومصادرة الروايات الكويتية قبل افتتاح معرض الكويت للكتاب في دورته الجديدة التي افتتحت أخيرا وخصوصا مع ازدياد تشدد الرقابة مقارنة بالعام الماضي مع دور النشر لأسباب وصفوها ل «القدس العربي» بأنها ضبابية تجيز كتب هابطة فنيا مليئة بالأخطاء الإملائية والنحوية وأخرى تغرق في عفن العنصرية والطائفية، بينما تمنع من التداول كتب تحمل الهم الإنساني ومستوفية شروطها الفنية والأدبية وطالبوا بوضع شروط واضحة ومعايير ثابتة ومحددة أمام المبدعين بدلا من الإقصاء الذي يتيح مصادرة الكتب وفقا لمزاج الرقيب في وزارة الإعلام .

خالد النصر الله : البلد الديمقراطي تتحكم تيارات سياسية في رقابة الكتب

في البداية قال الناشر في دار نوفابلس الكاتب خالد النصرالله : يؤسفني أن أقول أن الرقابة هذا العام أكثر تشددا من العام الماضي والمعرض السابق كانت الرقابة أكثر تساهلا معنا ولاأعرف ربما تتأثر الرقابة بالجو العام في البلد فحين يكتب أو يتحدث أحد عن كتاب فيه جرأة تمنعه الرقابة على الفور وكأن ألية عملها هو ردة فعل للأصداء التي يحدثها كتاب ما كما حدث العام الماضي مع أحد الكتب المجازة التي انتقد الناس جرأته فقام أعضاء الرقابة بمصادرة النسخ من معرض الكتاب على الفور.
وأضاف النصر الله : يفترض أن يكون هناك توجه ومقايسس ومعيار واحد يسير بمسطرة واحدة على كل الكتب، لكن أن يكون المنع بدون ألية أو مبدأ أو معايير ثابتة فهذا يتسبب بخسائر كبيرة للناشر الكويتي الذي لايتسلم تقريرا رسميا من الرقابة بأسباب المنع وتبقى الرؤية ضبابية بالنسبة له كما أن الكاتب لايكتب وفي ذهنه الرقيب، وقد منع لدار نوفا بلس للنشر كتابين هما «الغيمة التاسعة لمحمود شاكر وهي رواية، ومنع كذلك كتاب «ناهدات ديسمبر» للسعودي حسن البطران وهي قصص قصيرة جدا وعلمت من معارف لنا في الرقابة أن الكتابين منعا بسبب بعض الجمل الجريئة ورغم وجود الكتابين في موقع غودريدز للقراءة إلا إنه ليست هناك تعليقات تتحدث عن جرأة غير مقبولة والحكم في النهاية هو القارئ.
وحول سؤال أن ثالوث الرقابة معروف فلماذا لاتتجنبه أنت كناشر بدلا من ألقاء اللوم دوما على الرقابة
أجاب خالد النصر الله : نعم صحيح أن ثالوث الرقابة معروف في كل معارض الكتب وهو (الجنس والدين والسياسة) إلا إنني كناشر أتأسى على كتاب جميل لايجد طريقه للنشر ولا أطبعه، وأحاول قدر الإمكان تجنب محاذير الرقابة كما حدث مع كتاب «نتلاشى للأمام» للكاتبة سارة المكيمي حيث توجست من بعض العبارات الجريئة وطلبت منها افساح الكتاب من الرقابة قبل الطباعة وبالفعل أعطتها لجنة الرقابة بعض الملاحظات التي طلبت تعديلها وتغييرها ثم طبعنا الكتاب وتم افساحه، لكن ماحدث لا يناسب الناشر في كل مرة فنحن محكومين بالوقت والقراء في كل معرض يطلبون منا الكتب الجديدة ولايتسنى لنا أتباع الأمر مع الكل فالوقت يداهمنا غالبا، وليت الرقابة تجيز الكتب خلال معرض الكتاب وتمنعه في المكتبات فيما بعد لأن المعرض موسم شراء وظاهرة ثقافية من المعيب استقبالها بالمنع، كما أن نفس الكتب الممنوعة هنا في الكويت مجازة في معارض الكتب في الخليج فالشارقة مثلا إمارة بطابع ديني ومع ذلك يشجع الحاكم فيها الثقافة ويدعم الكتاب، ولأن الكويت بلد ديمقراطي لهذا أرى المنع ومصادرة الكتب ليس توجه حكومي إنما ثمة أحزاب دينية وتيارات سياسية وفئات معينة تحكم المجتمع ونطالب رئيس الحكومة التدخل لإنقاذ الكتاب في بلد ديمقراطي كما سبق وإن رفع الرقابة وزير الإعلام السابق أنس الرشيد .

ابراهيم الخالدي : الأدب الهابط يجاز بأخطاء إملائية ولغوية

الشاعر والباحث إبراهيم الخالدي قال : ان الكتب التي تمنع من العرض في معرض الكويت للكتاب، تثير التساؤل عن جدوى المنع في زمن الميديا ووسائل الاتصال الاجتماعي والعالم الالكتروني المفتوح حيث أصبح الممنوع فيه متاحا بسهولة، متسائلا عن آلية عمل الرقابة في منع أعمال جادة والسماح بأعمال هابطة فنيا وتحتوي على أخطاء إملائية ولغوية .
وأشار إلى إن رواية البصيص، التي قرأها وأعجب بها، تدور في فترة الثمانينات وتتناول الكثير من قضايا المجتمع الكويتي مثل البدون والغزو والتمايز الطبقي، وان البصيص مثل الكويت في مسابقة «أمير الشعراء» وحصل على مرتبة متقدمة، وأنه مبدع متنوع انتقل من الشعر إلى القصة ومنها إلى الرواية، وهو صوت أدبي مختلف وموضوعاته يطغي عليها الهم الإنساني
عبد الله الفلاح : المنع يزيد من شهرة الكاتب

وتحدث الشاعر عبد الله الفلاح عن رواية «ذكريات ضالة »الممنوعة لعبدالله البصيص قائلا:
إن البصيص في رواية «ذكريات ضالة» اتكأ على لغة شعرية سردية جميلة طعمها بنكهة شعرية تحمل إيحاء فلسفيا، فهي رواية جميلة تحمل اداء تشكيليا تتجلى جمالياته في لغة القص المغايرة التي انفتح فيه السرد على فضاء إنزياحي.
لافتا إلى أن أسم الكاتب الشاب عبد الله البصيص بزغ أخيرا بعد منع الرقابة روايته من التداول والرواية ليست الأولى التي تتناول قضية (البدون) أو عديمي الجنسية في الكويت، وكالعادة الأعمال الممنوعة تمنح الكاتب شهرة وتثير فضول القارئ لشرائها وقراءتها

محمد السالم يستعرض المنع والمصادرة بالأرقام

من جهته قال الكاتب والناشط الحقوقي محمد السالم ان مصادرة الكتب بشكل عام تولد شعورا بالإحباط لدى الكاتب من الطريقة التي تم التعامل بها مع كتابه وبحثه ومنجزه الأدبي .
واستعرض السالم محاولات المصادرة والمنع من قبل الرقابة خلال السنوات الماضية فقال: إنه في 2009 تم منع 200 عنوان من معرض الكتاب، وفي 2010 وصف منع كتب دور النشر المصرية بالمذبحة وتساءل السالم هل جاء الدور على الكاتب المحلي؟
أشار إلى أن هناك تعسفا من الرقابة في تطبيق القانون، وتم تجاوز الإجراءات المتعلقة بمنع رواية البصيص وغيره، مشيرا إلى ان شروط المنع مطاطية، وطالب السالم الممنوعين بان يعرفوا الإجراءت التي يجب أن يتعاملوا بها عند منع أعمالهم ومنها، استلام الوصل الذي يفيد المنع لأنه يمكن للمبدع اللجوء إلى المحكمة الإدارية للتظلم
كما طالب السالم في نهاية كلمته بتشكيل فريق من المتخصصين لمساعدة المبدعين الذين تصادر أعمالهم، من أجل
الضغط لتغيير القانون ووضع روابط محددة معروفة للجميع وليست مطاطية

عواطف العلوي : الرقابة تجيز كتب تروج لعفن العنصرية والطائفية

الكاتبة عواطف العلوي قالت : عام جديد في عالم معارض الكتب، وما زالت الرقابة تمارس سطوتها في المعارض العربية، دون معايير واضحة أو مبررات مقنعة لتلك الرقابة وذلك الإقصاء التعسفي لإصدارات خسر العقل العربي مع منعها الكثير بل الكثير جدا من روافد الفكر والفن والفلسفة والعلوم التي نهضت بأمم غيرنا بينما نقف نحن متصلبين بين أحجار التعسف والتشدد والفوضى.
وأضافت : هنا في الكويت وبكل أسف، تعاني الأقلام، الواعدة منها والمخضرمة من مشكلة ضبابية معايير الرقابة على الكتب وازدواجيتها، حتى لم نعد نعلم ماهية الكتب الممنوعة والكتب المجازة بسبب هذه المعايير المهلهلة. فبينما يُفسَح السوق لكتب يفوح منها عفن العنصرية وتمتلئ صفحاتها بالعدوان على حريات الآخرين، تُمنع كتب أخرى لمجرد أنها ناقشت قضايا اجتماعية أو دينية من منظور مخالف للقوالب التي لا تقبل الرقابة أي مقاييس غيرها، لأنها تظن أنها تخدش (العادات والتقاليد والأعراف السائدة)، أو لأنها – وهذا ما يبدو لي- تظن أن عقيدتنا هشة لدرجة أن أي مناقشة أو رؤية من زاوية مختلفة للقضايا الإيمانية قد تدمر هذه العقيدة وتلغي هويتنا الدينية. وإن فكرنا بالموضوع لوجدنا أن الكتب (الدينية) المسموحة والتي تملأ أرفف مكتباتنا وتلقى رواجا واسعا بدءًا من كتب تفسير الأحلام مرورا بكتب الجن والعفاريت، إلى تلك الداعية إلى التطرف الديني ومحاربة الآخر هي ما يفسد عقولنا ويسيء إلى ديننا ويشوه صورته، وليس العكس.
وتساءلت العلوي : ثم انني حقيقة لا أدري ماجدوى الرقابة في زمن الفضاءات المفتوحة والانفتاح العالمي؟!
وللعلم فهناك كُتّاب أذكياء لدرجة الخبث تعمدوا تضمين كتبهم عبارات يهدفون من ورائها منع كتبهم لتزيد شعبيتها ويتضاعف الطلب على شرائها، بل وقد تحصل على جوائز محلية أو إقليمية أو عالمية، وهي حقيقة في منتهى التفاهة والخواء الفكري والخلو من المضمون، ولا تستحق كل هذا الرواج. هذه ظاهرة أظن أنكم قد لمستموها في معارض الكتب الماضية والحالية. ومع ذلك فالرقابة مستمرة في عملها الساذج.
والمضحك في الأمر أن هناك كتب تطرقت بالنقد والتحليل لأوضاع تراها سلبية في بلادها، ومع ذلك أجازتها الرقابة هناك، بينما منعتها الرقابة هنا!! أي أن رقابتنا تشعر أنها ملكية أكثر من الملك نفسه. فهل رأيتم تعسفا وتخبطا أكثر من ذلك؟!

….

القدس العربي 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى