قصائد للشاعرة هيلين كاردونا

الجسرة الثقافية الإلكترونية
المصدر: الدستور
ترجمة نزار سرطاوي
هيلين كاردونا شاعرة، مترجمة، ممثلة، عازفة، مغنية، راقصة، كاتبة قصص أطفال، محاضِرة، ومحررة أدبية. تتقن اللغات الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، الألمانية، الإيطالية، واليونانية. ولدت كاردونا في باريس لأبٍ إسباني وأم إغريقية – إيرلندية. انتقلت عائلتها إلى سويسرا حيث قضت بواكير طفولتها في جنيف، ثم ما لبثت أن انتقلت العائلة إلى قرية هادئة في جبال الألب. بدأت تتدرب على الرقص وهي في الخامسة من عمرها وتعزف البيانو وهي في السادسة وتكتب الشعر وهي في العاشرة. خلال إقامتها في سويسرا درست الموسيقى في المعهد الموسيقي في جنيف وفازت بالجائزة الثانية في العزف على البيانو، حين بلغت السنة الرابعة عشرة من عمرها عادت إلى باريس لاكمال دراستها الثانوية. وهناك تابعت دراسة الموسيقى، وفي الوقت نفسه شدتها الأفلام السينمائية والعروض المسرحية، ومن هناك بدأ اهتمامها بالتمثيل. حصلت على الماجستير في الأدب الأميركي من جامعة السوربون، كما درست الأدب وفقه اللغة في جامعة كامبرج، واللغة الإسبانية في الجامعتين الدوليتين سانتانير وباييسا في إسبانيا، وحصلت على الزمالة من معهد غوته الألماني وجامعة الأندلس الإسبانية. نشرت قصائدها في عدد كبير من المجلات الأدبية والأنتولوجيات الشعرية. وقد صدرت لها مجموعة شعرية بعنوان «الكون المندهش» في عام 2006. كما صدرت لها مجموعة شعرية باللغتين الفرنسية والإنجليزية بعنوان «أحلم بذواتي الحيوانية» في عام 2014. وقد فازت هذه المجموعة بعدة جوائز منها جائزة بيناكل للكتاب وجائزة الكتاب المفضل لدى القراء في الشعر لعام 2014. ترجمت كاردونا قصائد لعدد من الشعراء الذين يكتبون بالإنجليزية إلى الفرنسة، وكذلك ترجمت لشعراء فرنسيين إلى الإنجليزية، وقد صدرت ترجمتها لمجموعة شعرية للشاعرة الأميركية دوريان لوكس بعنوان «ما نحمل» إلى الفرنسية في عام 2014. تعيش كاردونا متنقلةً بين قارتيّ أميركا وأوروبا. أشغال خشبية لو كان بوسعي أن أجمع كل أحزان الدنيا كل الأحزان التي في أعماقي في يقطينة لهززتها بين فينة وأخرى، ولجعلتها تغني، لجعلتها تذكرني بمن كنته من قبل، لباركتها على كل ما علمتني، ولحدقت فيها بكل محبة لأنها لم تندلق خارجة من وعائها ألعاب عقلية في الأحلام ثمة اثنان مني يلحق كل منهما بالآخر عقلٌ فضولي تعوزه القوة يقتفي أثر العقل الآخر الذي لا تشوبه شائبة ولا يُقهر أبداُ يقتفي أثره دائماً وأبداً متهيباً من ألعابه البهلوانية وطبيعته الجبارة. رسول الليل أستيقظ في مرجٍ مُضفّر بالأعشاب البرية والزهور نغماتٌ موسيقية تندفع من قيثارة طائرُ بِطْريقٍ يعدو أتبعه إلى النهر يستلقي على ورقة، يدعُ التيار يحمله ويقول، هذا التيار هو حياتكِ، بدلاً من أن تتفرجي من المرج، تدفّقي مع إيقاعه. النايات الأسكتلندية دليلي أصِلُ إلى البوابة بين ماضيَّ والممر المائي. ومثل البِطريق، أستلقي على ورقة، وأترك النهر يحملني وأنا أدرك أنني قد دخلت إلى عالَمٍ آخر. الطريق إلى الهدايا حين استدارت روحي، وقد بَصِرتْ بالجانب الآخر من كل شيء … هيلدا دوليتل همساتٌ توقظني. أعود إلى البيت وراء موكب من البجعات إلى جزيرةٍ في قلب باريس. فوق المنحدرات الصخرية حيث البجعات البرية تأتي لتعرض نفسها أغني أغنية الصفير هذه، انظرْ إلى الجانب الآخر من العالم كما لو أن صفاً من أوراق اللعب انتشر ليختلس النظر إلى أسفل وينقلب ليلقي نظرة خاطفة على الجانب الخفي. الحلم يفتح عوالمَ منسيةً من الخلق. أظن أن هذا هو الوقت. كهف بحري أتعلقُّ بالأشياء من أجل أن أحيا كما تتعلق الظلمة بالنور، أدعها تأتي إليّ التخلص من الافتراصات يستغرق بعض الوقت. تدهشني الرحلات بالبالونات الهوائية. كل يوم يُعِدّ للموت، أدع الدروب تتداخل معاً، تلك وصفةُ ساحرٍ لخلق الرغبة مدركةً متى أكون مرئيةً أو غير مرئية. التحول من الحلم أمر دقيق يتعذر إدراكه، همسةٌ على آلة موسيقية وترية. أصلُ إلى قاع المحيط لأستعيد المرجان، حيوان على هيئة زهرة أبسُط نفسي كي أحقق النجاح. لم يأتِ المطر بعد. العواصف تختمر في المقدمة تجبرني على أن أركن إلى السكون سوسنة بيضاء تستريح فوق زنابق متفتحة كوني مستعدة لأن تمسحي الأرض كُلي من ترسبات النهر انحتي ظلالاً محروقة في الأرض اصنعي أشكال أشباح من الطين الفن ميلاد حديد دائم الطريقة التي نختارها للتعبير عن أنفسنا، الطريقة التي نتلقى بها الأوامر من الله. رقص الحلم هذه قصّة رحلة طيران، قصة جذور قصة نِعمة. أنا الطفلة التائهة. كل رحلة تعرف وجهة سرية. سوف أجد طريقي بلا خريطة، سوف أعتمد على الذاكرة المطوية في أحضان أمي في الليالي العاصفة عند سفوح جبال الألب. سوف أجد بيتاً في قلبِ وردةٍ، وأسترد روحي الراسية في النقطة الثابتة حيث تستقر النفس، حيث وجود لغزٍ ساطع يملأ جوهرُه كياني. أسيرُ عبر المتاهة، أتخلى عن الرغبات المحدودة. أمزق عرق الكرمة الملتف حول الحبل السري، أحرّر حروف اسمي. فتروح تحلق فوق المحيط كي يستردها الصقر. ها أنا ذا أرقص الحلم على شفا عوالم مهدمة قاحلة. من الخُفّان البركاني والطين النقي أجني براعم الحب الشهية، وطعام الأرض الطيب اللذيذ. في أحلام تشبه المطر في أحلام تشبه المطر تزورني أمي. عصفور في زخة المطر ينقل الرسائل: ساق عالم أعمق. أسمع صوت بليك، يمشي في الغابة، وييتس، يعكس النور. في هذه البركة أتحول إلى سمكة. هيئتي بوجوهها الكثيرة تنفتح مثل المروحة. مجموعة من الوجوه البوذية، لا أبدو مثل ذاتي. أنا البذرة، النواة إشعاع لونيّ براعمُ كرزٍ لقلبٍ يمتد في قلب الرياح رقصة حورية ذاكرةٌ شعرية تنبض بالحياة. حالمة آه لو أحظى بنظرة خاطفة من أفروديت* وتلمسني النعمة، أرى الجمال في كل مكان، أغفر للجميع ولنفسي واستسلم، استسلم، استسلم. آه لو أحظى بفرصة أخرى للحب فقد عبدت أثينا وتبعت أرتميس. تذوّقي رمان قبرص، غوصي في المحيط، دعي قلبك ينكسر. تأمّلي هذا، كوني محظوظةً، ممتنة، تأمّلي هذا، كوني مفعمةً بالحياة فالهدية الأعظم تُمنح مع الموت. ليست ثمة نهايةٌ ولا بداية، استسلمي، استسلمي، استسلمي. أقدّم موت أمّي ثمناً لأحلامي بينما أحلم بالكون فيكون بينما أحلم بذكرياتٍ جديدة بينما أحلم بنفسي في الحب واقعة فيك. آه لو تدعين أفروديت ترشدكِ إلى الروح الكُليّة التي لا تفتأ تعلن أنا جبال أنا أنهار أنا رياح ورمال ومطر قمر وشمس ونجوم. لن يتم إخماد صوتها لأنه هائل ويردد أصوات كل الأحبة. إنه لشرف لها أن تخدمك فالحياة تسعى إلى الجمال والغموض. هل ستدركين بعيونِ قلبك، وتستجيبين لدعوة النَمِر والطائر الطنان؟ دعي عجلة الزمن تستحوذ عليكِ، دعي قلبك ينفطر. ملاحظات من ليلة أمس إلى جون، في ذكرى والده يمكن للمرء أن يميز بين فان جوخ وشاغال،** تلك الحالة البيْنيّة حيث حتى الجمادات تبدو حيّة، لها صِلةٌ بالنور والصفاء . بسبب كلّ هذا النور، فإنني مصابةٌ بشيء من العمى. ليس مهماً لمن هو الشبح الذي تراه. ما دمت ترى شبحاً. ثمّة عتمتان معاً في هيئةِ الوجه، الدفء يتقدم إلى الأمام، والبرد يتراجع. أنا أمر بالتجربة وحسب. أما الحديث عن الإيمان فلا أصدّقه، التجربة لها علاقةٌ بالخلايا الحية. في حالتنا الطبيعية لا نكون قادرين على الإدراك، لذا أرى أن الموتى يعرفون. لم يسبق لي أن رأيت جمالَ ذلك الشيء، كلّ شيءٍ له صلةٌ بالنور. كل شَبح هو دليل على الحياة بعد الموت، أياً كان ذاك الشبح. هوامش: *أفرودايت هي إلهة الحب والجمال عند الإغريق. ** فنسنت فان جوخ (1853-1890) فنان هولندي شهير ينتمي إلى المدرسة ما بعد الانطباعية. مارك زاخاروفيتش شاغال (1887-1985) رسام روسي فرنسي ينتمي إلى الحداثة ويستخدم أساليب متنوعة في الرسم.