حسـن أبو علـي.. باروميتر الثقافة الشعبية / رنا العزام
الجسرة الثقافية الإلكترونية -خاص-
منذ أكثر من اربعين عاماً وحسن ابو علي بقامته النحيلة يقف على قدميه في وسط المدينة يروج لثقافة عربية جادة ، وهو يعرف زبائنه جيدا ، ومنذ كان عمره عشر سنوات نمت علاقة من نوع خاص بينه وبين الصحف التي كان يبيعها على الارصفة لم تنقطع ابدا.
ليس شريكاً في صنع الثقافة لكنه الاكثر قدرة على تحديد اتجاهات الرأي العام ، فيما يتعلق بأهمية الكتاب ودوره وقرائه.
حسن أبو علي ، الذي استحق الوسام بجدارة في احتفالات عمان عاصمة للثقافة العربية ، ما زال قادراً على فتح ابواب كشكه كل صباح ، واستقبال اصدقائه في تلك المساحة الضيقة ، التي تمثل بؤرة مهمة من بؤر المشهد المرافق للحياة الثقافية في عمان.
صاحب الكشك الاشهر في العاصمة ، قادر على توفير اي كتاب لأصدقائه ، بغض النظر عن الموقف الرسمي من هذه الكتب ، غير انه لا يبخل بتقديم النصيحة للشباب الذين لم تغرهم الفضائيات وشبكة الانترنت ، وظلوا منحازين للكتاب الذي ما زال خير جليس في كل الازمنة.
أبو علي صديق المثقفين ، يستقبل كشكه في وسط البلد العديد من المسؤولين الذين ارتبطوا مع الكشك وصاحبه ومع نبض وسط البلد بعلاقات خاصة ، وذهب بعض المثقفين الى تنظيم حفلات توقيع لكتبهم الجديدة امام الكشك الشهير ، للاستفادة من الجمهور الخاص وكسر التقاليد المتبعة في الحياة العامة.
دفتر أبي علي العتيق مليء بالديون ، التي هي في معظمها ديون معدومة ، على المثقفين ، فالرجل يؤمن ان الثقافة يجب ان تصل الى طالبيها بغض النظر عن ثقل جيوبهم. وصار صديقاً للدارسين والباحثين ، ويقدم النصح دائماً لمن يطلبه ، خاصة مع فئة الشباب.
حسن ابو علي ينظر اليه البعض على انه باروميتر شعبي لقياس الرأي العام ، وغالباً ما يكون رأي صاحب أشهر الاكشاك الثقافية في الاردن مهماً في قراءة المشهد الراهن في البلاد.
كشك الثقافة العربية ، هو الاسم الذي اختاره ابو علي لكشكه ، وفي مساحته الضيقة ، يلتقي الزائر له بمختلف فئات الشعب الذين يبحثون عن المعرفة ، ويظل ابو علي قادراً على توجيه خياراتهم باتجاه عناوين الثقافة الجادة التي تساعد في بناء وعي رصين لمواجهة الانحطاط الذي يغزو حياتنا من كل الاتجاهات.
لا يمكن تجاوز كشك الثقافة العربية وصاحبه حسن ابو علي الذي يحرص ضيوف الاردن على زيارته ايضاً ، لانه صار علامة فارقة من علامات حياة عمان الثقافية وصورة من صورها الشعبية ، الى درجة ان بعضهم يطلق عليه لقب وزير الثقافة الشعبي.
قليلون جداً هم الذين يعرفون اسم حسن ابو علي ، الذي تشير وثائقه الى انه حسن البير المولود عام 1944 ، لكن عدداً كبيراً من المواطنين والمسؤولين يعرفون الرجل جيداً ، ويترددون على كشكه الذي يتسع لكل الاصدقاء ، وتظل خطوط الاتصال بين صاحب الكشك وقادة المشهد الثقافي مفتوحة في الاتجاهين.
الذين يقصدون وسط البلد ، لا بد ان يمروا بمحاذاة الكشك ، والذين يقصدون الكشك يذهبون لإكمال جولتهم في قاع المدينة ، فكشك الثقافة العربية وصاحبه حسن ابو علي صارا علامة من علامات قاع المدينة الضاج بالحركة والحياة.
طبيعي ان تلتقي مسؤولاً سياسياً في تلك المساحة الضيقة ، وطبيعي ايضاً ان تلتقي الادباء العرب الذين يزورون عمان عند ابي علي ، فالقادمون الى عمان لا بد ان يمروا بهذا الكشك الذي تعدت شهرته حدود الوطن.
حسن ابو علي لا يعترف بالممنوعات في قاموسه ، والباحث عن اي كتاب سيجده في متناول الرجل ، فالقوانين العرفية لن تحجب المعرفة عن طالبيها ، خاصة عندما يتعلق الامر بالباحثين وطلبة الدراسات العليا.
وفي تلك المساحة الضيقة ، يتحلق الاصدقاء حول ابي علي الذي لا يضيق ذرعاً بزائريه ، الذين يتوافدون بلا موعد على مدار ساعات اليوم.