لا تدع أحدًا يخدعك .. ملاحظات سريعة من الكاتبة ضحى الرفاعي عن كيفية شراء الكتب

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص

*ضحى الرفاعي

-الأردن-

 

نسخة مزورة وأغلى بنصف دينار، هذا ما حدث معي عندما ذهبت لأشتري لأختي رواية (يافا) للكاتبة نيبال قندس، وكانت أختي قد استفسرت من الكاتبة بشكل شخصي عن سعر الكتاب، وأخبرتني حسب أن الوكيل الوحيد هم المكتبة الأهلية، وفي طريقي كما عادتي أحب أن أستعلم عن سعر الكتاب بشكل عشوائي في الأكشاك، فصدمت بوجود الكتاب في أحد أشهر أكشاك عمان وبسعر خمس دنانير ونصف، فتعجبت هنا لارتفاع السعر في الكشك عنه لدى الأهلية والتي كنت أظنها -بحكم اسمها وكونها مكتبة تدفع أجاراً شهرياً أو سنوياً أنها الأغلى-، ثم افترضت أن الأكشاك تأخذه من الأهلية وتربح نصف دينار، لكنني قررت أنني سأذهب للأهلية فسعر خمس دنانير كافٍ ولا داعي لهذه الإتاوة.

وفي المكتبة الأهلية قررت أن أعرف السبب لارتفاع سعر الكتب بالأكشاك وهذا غير ما هو معروف بين العموم، وعندما سألت البائع أنكر أنه يقوم بتوزيع الكتاب لأي من الأكشاك وقال لي: “أنا الوكيل الوحيد هنا؛ لكن ما رأيته هو نسخة مزورة منتشرة في الأكشاك”.

أنكرت عليه الأمر فأنا لست مُشترٍ (غشيم) فأنا أشتري الكتب بكميات تسمح لي تمييز النسخ الأصلية من المزورة، والأهم أنني عملت في دار نشر وكان مديري ماهرًا بكشف النسخ المزورة ومرّر لي معرفته، فصرت بسهولة قادرة على اقتناص الغث  على كثرته- من السمين.

“لم تكن نسخة مزورة، كانت متقنة”، وهذا ما ظننته وأخبرت البائع به منكرةً أن أكون قد غُششت، لكنه هز رأسه رافضاً وقال: “تقليدٌ مُتقن”.

وهنا عدت لأفكر كيف يتم تفريق الكتاب المقلد عن الأصيل؟ فعددت أهم النقاط في رأسي وهي لمن يرغب ألا يتم خداعه:

* الكتاب المقلد غالبًا ما يكون قد طبع من نسخة تم تصويرها للكتاب الأصلي ولذلك ستجد في صفحاته بعض النقاط السوداء العشوائية، وهي ناتجة عن آلات التصوير الرخيصة والتي تنتشر في كل مكتبة في البلاد، وعند نسخ الكتب المزورة غالبًا ما يتم نسخ كل نسخة بشكل منفصل فلا نسخة تشبه الأخرى والعيوب تتراكم.

* يتم قص الكتاب المزور بشكل يدوي فربما تجد عند تفحصها ميلاناً  في قصِّه، وأيضاً يمكن أن تجد بعض الصفحات الملتصقة بالأخرى نتيجة القص الرديء.

* يمكن أن تجد أيضاً صفحات فارغة نُسيت من التصوير أو سحبتها آلة التصوير بالخطأ مع الصفحة السابقة فلم تطبع، وهذا يمكن كشفه بتصفح سريع للكتاب.

* بعض الصفحات تتكرر، فتنقص صفحاتٌ أخرى بالمقابل.

* تعتمد بعض دور النشر شعارًا بارزًا لها، فإن كنت تعرف هذا الأمر ستجد أن أغلفة الكتب المزورة تحمل شعار الدار مرسومًا دون أن يكون بارزًا، فهذا مكلف وغالبًا لن يمتلك المُزور القدرة على تقليده.

* ألوان الغلاف غالبًا ما تكون أقل إبهارًا من الأصل، ولكشف هذا يجب المقارنة بشكل مباشر بين نسختين إحداهما موثوق بأصالتها.

* تأكد من عدد صفحات الكتاب الذي ترغب بشرائه قبل أن تفعل ذلك، تستطيع فعل هذا بفتح رابط الكتاب على الجودريدز مثلاً، فالكتب المنسوخة ربما تكون ناقصة عدة صفحات بالنهاية، وبالأخص إن كانت بعد انتهاء الملازم، فلا يجد التاجر المزور رغبةً بفتح ملزمة جديدة لعدة صفحات.

* انتبه لحواف الكتاب، قم بثني الكتاب وتأكد أن الصفحات متماثلة فالأسطر فيها على نفس المستوى دائماً تبدأ على نفس الارتفاع وتنتهي في المكان نفسه دائمًا.

 

تذكر أن النسخ المزورة تصنع لكتب من المضمون بيعها، وليس بالضرورة أن يكون الكتاب المنسوخ مزورًا، فكل الشروط السابقة تضمن لك أن يكون منسوخًا، لكن بعض الكتاب يتفقون مع دور النشر على أن تكون نصف الكمية المطبوعة منسوخة، وهذا لأن الكاتب هو الداعم الوحيد لكتابه، فإن لم يستطع الدفع لكتب مطبوعة (طباعة)، يلجأ إلى نسخ نصفها، وأحياناً ما  تقوم دور النشر بطباعة الأغلفة كاملة ثم طباعة نصف عدد النسخ من متن الكتاب لتخفيف التكلفة بطرق مُلتوية.

كل هذا ليس إجابة على وجود نسخ مقلدة بشكل احترافي في الأسواق وبأسعار أغلى من الأصل، والإجابة ببساطة أن الأمر تطور فصارت بعض المطابع تجرؤ على طباعة نسخ مزورة بجودة عالية دون الرجوع إلى الكاتب أو دار النشر التي تحتكر نشر الكتاب، والأسوأ أن الجميع يعرف، الموزع في المكتبة  والناشر وحتى الكاتب وحتى أنا؛ لكن أحداً لا يحرك ساكناً.

أنا أعرف أن بالأمر تضارب مصالح فالجميع يعرف مصدر هذه النسخ التي تملأ الأسواق، فما الحل؟ هل يجب أن نظل شيطانًا أخرس؟

الحل حسب رأيي عندما تتجاهل وزارة الثقافة وهيئات الرقابة ورابطة الكتاب هذه المعمعة؛ فعليك أنت (المُشتري) أن تمتنع عن شراء أي نسخة مزورة تستطيع ضبطها، لأنك ترفض السرقة.

فهل أنت قادر على ذلك؟ هل أنت قادر على رفض فئران أمي حصة بأربع دنانير لتشتري النسخة الأصلية بسبع أو ستة دنانير؛ مثلاً؟

 

قف أمام وازعك الشخصي وقرّر، لكن عندما تخضع لقانون السوق وتشتري النسخ المزورة وبإرادتك كن على ثقة أنك ستندم عندما تجد النسخة أقل جودة، و حتى لو متقنة، تذكر أنك تصنع وبمحض ارادتك لصًا لسرقة الكتب.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى