معرض القاهرة الدولي للكتاب.. مواجهة الإرهاب أم الثقافة؟

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

محمد شعير

 

بعد ساعات من افتتاح الدورة الـ 47 لمعرض القاهرة للكتاب، كان رجال من الضرائب العامة في «دار ميريت» للنشر يطلبون الحجز على الدار بسبب ضرائب متأخرة تصل إلى 2 مليون جنيه مصري (حوالى 250 ألف دولار).

الضرائب توقفت عند عام 2005، أي أن صاحب «ميريت» الناشر محمد هاشم الذي ترك مقر داره التاريخي لعدم سداد إيجار المكان(!) مطالَب بسداد مبالغ أكبر من ذلك بكثير. أصدقاء هاشم تعاملوا مع الأمر كمزحة «ثقيلة»، تأتي في إطار حملة التضيق على الأماكن الثقافية الفاعلة التي لعبت دوراً في أيام ثورة 25 يناير، وكان قد سبق تفتيش الدار خلال الأسابيع الماضية واتهام الدار بإصدار كتب دون الحصول على أرقام إيداع!

وهكذا يبدو أن الأجهزة الأمنــــية قد فهمت أن «المواجهة» في شعار الدورة الجديدة للمعرض «الثـــــقافة في المواجهة» تعني مواجهــــة الثقافة لا الإرهاب أو القمع والجهل. وكان المعرض قد بدأ فاعلــــياته الأربعاء الماضي ويســــتمر إلى 10 فبراير المقبل، بلا مدعوين نجـــــوم تـــقريباً، بعد اعتذار سعدي يوسف، وهدى بركات وصادق جلال العظم.

وقد تمّ اختيار دولة البحرين لتكون ضيف شرف هذه الدورة للمعرض، والروائي جمال الغيطانى ليكون شخصية المعرض الذي تشارك فيه هذا العام 34 دولة منها 21 دولة عربية وأفريقية و31 دولة أجنبية. ويشارك 850 ناشراً منهم 50 ناشراً أجنبياً، و250 ناشراً عربياً، و550 ناشراً مصرياً. كما يتضمّن برنامج المعرض ما يزيد على 560 فعالية ثقافية وفنية، وقد خصّص المعرض عدداً من الندوات التي تناقش تجربة الغيطاني الروائية، كما تمّ تخصيص محور خاص بمناسبة مرور 10 سنوات على رحيل عمــــيد الرواية العربية نجيب محفوظ. فضلاً عن ندوات «كاتب وكتاب»، و «أرشيف المعرض» الذي يقدم عدداً من الندوات والأمسيات الشــــعرية التي جرت طوال السنوات المقبلة، حيث يشاهد ضيوف المعرض المواجهة بين فرج فودة والشيخ الغزالي، وأمسيات شعرية لنزار قباني ومحمود درويش، وندوات شارك فيها نجيب محفوظ وآخرون. ويستضيف المعرض هذا العام عدداً من الشخـــــصيات من أيطاليا جوزيبى ســـــكاتوليني، الكاتب الإيطالي: كارلو روفايلي، والكاتب الروسي الكسي فارلاموف، والكــــاتب الفرنســــي: جــــان ببير فيليو ومن لبنان جورج قرم، والروائي السوري خليل صويلح، والمغربي أحـــمد المديني وحسن أوريد.

وكانت قد أقيمت أول أمس أولى ندوات «شخصية المعرض» الأديب الراحل جمال الغيطاني مشروع الغيطاني الروائي، تحدّث فيها الناقد محمد بدوي عن رواية «الزيني بركات» للغيطاني، التي أحدثت نقلة نوعية في كتاباته، وكانت أساسًا للمفاهيم التي سيعمل عليها بعد ذلك، مؤكدًا أنها استطاعت أن تجمع بين مجموعة عناصر جعلت «الغيطاني»، متميزاً عن أقرانه من كتاب السيتينيات، وفي الوقت نفسه متميزًا في الكتابة السردية المصرية عن آبائه ومن بينهم «نجيب محفوظ، يحيى حقي، يوسف إدريس»، ومن جانبه وصف الدكتور حسين حمودة، مشروع «الغيطاني»، الإبداعي بالتنوع والتفرد والامتداد. وأضاف متحدثاً عن أسلوب الغيطاني: كل شيء ينمو ويتنامى ويمتدّ بمستوياته المختلفة، وفي لغته العديد من المعاني، لأننا نستمتع بلغة مشبعة بالمعرفة في كتابات تراوحت بين أزمنة وأماكن شتى، بالإضافة لصلته العميقة بالمناطق التي قادته إلى مستويات افتراضية مستدعاة ومشبعة بذائقة، ومن هذه المعالم نبرة الشجن الخفية التي تخللت نصوصه».

وأكد حمودة أن صلة الغيـــطاني العمــــيقة بالمكان ميزته، واهتمامه بالأزمــــنة والأماكن، مثل منطقة الجمالية التي ستظل منــــبره للتعبير ونقطة البدء والوصول، منها ينطلق عالم جمال الغيطاني».

وقال القاص سعــــيد الكفراوي، «الغيطاني» كتب مشروعه وتجـــربته، وحين نتأمل حياته نجد أنـــها حياة موازية للأدب، وتتقاطع معه وتنتهــــي في النهاية لكي تصـــف صاحبها بأن هذا الكاتب بالفعل هو رجل أدب.

 

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى