رنا شميس: لا أحب أن أكون ورقة مكشوفة
الجسرة الثقافية الالكترونية
سوسن سلمان
تخرّجــت الممثلة السوريّة رنا شميس من المعهد الطبي في العاصمة دمشـــق، قبل أن تلتحق بالمعـــهد العالي للفــنون المسرحية، في خطوة كــــانت الأولى على طريـــق تكريس اسمها في عالم الـــدراما السوريّة والعـــربيّة.
يقال عنها إنّها موهبة استثنائيّة، وشاركت في تقديم شخصيّات خارجة عن المألوف في عدد من الأعمال المهمّة مثل «تخت شرفي»، و «أسعد الوراق»، و «ليس سراباً». حاليّاً تصوّر دورها في مسلسل «لستُ جارية»، كما شاركت في مسلسل «مدرسة الحبّ» بثلاثيّة «أساور»، إلى جانب الجزء 12 من «بقعة ضوء».
ما هي تفاصيل شخصيّتك الجديدة في مسلسل «لست جارية»؟
أؤدّي في المسلسل دور منى، وهي ضحيّة فشل علاقة والديها الزوجيّة. فوالدها كان متعدّد العلاقات، فكبرت وهي تراقب معاناة والدتها، وتعيش نقصاً في الحنان الأبوي بعد تخلّي الأب عنها وعن أخوتها لصالح نساء أخريات. ومع تقدّمها في العمر، ترجمت تجربتها العائليّة الصعبة حقداً على الجنس الآخر، فتتلاعب بمشاعر الرجال، لتتركهم لاحقاً لعذاباتهم.
تؤدّين دور ثريّا في فيلم «فانية وتتبدّد» للمخرج نجدة أنزور، ما هي أبعاد هذه الشخصيّة؟
لا أرغب بالحديث كثيراً عن الفيلم، ولنترك ذلك للمشاهدين والنقّاد. يمكنني القول إنّ شخصيّة ثريّا كتلة من الإحساس تلامس كلّ أم سوريّة، وأنا لا أستطيع أن أعبّر عنها بالكلام، بقدر التمثيل.
في مسلسل «علاقات خاصّة» أدّيت دور سوسن التي أحرقت نفسها، وشوّه وجهها، بعدما تركها خطيبها ليلة العرس. هل يعدّ الدور تطوّراً في شخصيّتك كممثّلة؟
يمكن للنصّ أن يحفّز خيالك، وتلك ميزة من ميزات الكاتب. لكن التوفيق بين ما هو مكتوب وما يجب إيصاله معادلة صعبة، وأنا أحاول قدر الإمكان الاستمتاع بعملية فهم الشخصية ولا استسهل في الأداء، وحتى الآن معظم الشخصيات التي أديتها احترمها.
أما شخصية سوسن في «علاقات خاصة»، فقد تعايشت معها بكل تفاصيلها، ولا يمكن أن أنسى آلام الماكياج على وجهي لساعات طويلة. وأكثر ما جذبني في الدور هو العامل الإنساني الذي نفتقده. في الحياة الواقعيّة، عندما تجرح المرأة تصبح أكثر شراسة، وهكذا، أحرقت سوسن نفسها في لحظة شرود، وبدأت تعاقب من حولها على ألمها.
هل هناك حالات تمثيليّة عندك لم تظهريها للجمهور بعد، أو شخصيّات تتمنين تأديتها؟
مهنياً، يجب أن تمتلك الممثّلة مخزوناً ثقافياً وذاكرة غنيّة بشخصيّات حقيقيّة وأحداث من الحياة اليوميّة. من جهتي، أحبّ هذه المقاربة، وأعتمدها في أعمال، واعتبر نفسي قريبة من الشارع. من الناحية الشخصيّة، لا أحب أن أكون ورقة مكشوفة للناس.
لست مع تجسيد السير الذاتية، وأميل حاليّاً للأدوار الرومانسية، كما أفضل الشخصيات التي تترك بصمة وتلفت نظر المشاهد. وسأكون سعيدة إذا أدهشت المشاهد، وكنت مختلفة عن الآخرين.
وُجّهت انتقادات كثيرة للجزء الثالث من مسلسل «صرخة روح» الذي عرض في رمضان الماضي. ما رأيك بما قيل عنه؟
لم تفاجئني الانتقادات ولم أندم على المشاركة بخماسية «عاشقة الورد» في العمل. عندما تقدّمين عملاً كاملاً حول قضيّة واحدة هي الخيانة في المجتمع الشرقي، من الطبيعي أن تحصدي هذا الكمّ من الانتقادات، سواء كانت إيجابيّة أم سلبيّة. ما يتقبله المشاهد هو الفجاجة في الملابس والمبالغة ربما، والخماسية الوحيدة التي لم تنتقد كانت «عاشقة الورد»، لكن نجاح الممثل يكون بتجسيده أدوارا ضمن عمل إشكالين، ولكن على طريقته.
برأيك هل ما زالت الأعمال الاجتماعيّة قادرة على جذب المشاهد أكثر من غيرها؟
ليس المهمّ أن يكون العمل كوميديّاً أو اجتماعيّاً أو حتى تاريخيّاً، بل أن يتحقَّق شرط الإمتاع، وعندما يتوفّر هذا الشرط سيكون العمل ناجحاً. تشكّل الأعمال الاجتماعيّة جانباً من جوانب التنفيس لدى الناس، لكنّي أفضّل أن أعمل في الكوميديا السوداء.
إلى أي درجة تعوّلين على خفّة دمك الفطريّة في أدوارك الكوميدية؟
خفة الدم نعمة من الله، لكن إذا اعتمد الممثل على الفطرة من دون صقلها والعمل عليها، لن يحقق النجاح. فالاجتهاد الشخصي للممثل مع «رشّة» ذكاء، يحمي مكانته عند الجمهور.
إن أردت مقارنة الكوميديا بالطبخ، سأقول إنّها تتألّف من ثلاثة مكوّنات أساسيّة: الفطرة، الذكاء، إلى جانب مراقبة الحياة اليوميّة، للاستخلاص منها.
هل سرقتك الشاشة من خشبة المسرح؟
في الحقيقة، الحركة المسرحية في البلد ضعيفة. منذ تخرجي من المعهد العالي، أقدّم عملاً مسرحيّاً كلّ عام. العمل الأخير كان «السقوط» مع الأستاذ دريد لحام في العام 2010، وكان من المفترض أن تدور المسرحية على بلدان العالم العربي، إلا أن أحداث البلد غيرت كل شيء. حالياً تتبلور فكرة عمل مسرحي لكن أتحفظ عن ذكر تفاصيلها، فعندما أنوي العودة للخشبة لن أرضى أن تكون أقل مما كنت أعمل به، والخيارات يجب أن تكون دقيقة.
هل أصبحتِ أكثر حرصاً في انتقاء أدوارك بعد التشابه بين شخصيتين في مسلسل «لعنة الطين» ومسلسل «أسعد الوراق»؟
التطور الحذر والدقة مطلوبان للحفاظ على مكانتي الفنية، والتشابه الذي حدث هو تشابه بين نصّين، تحديداً مشاهد الظلم والرقص. على العموم البشر متشابهون في شكل الوجه مثلاً، لكنّ الملامح تختلف من وجه إلى آخر. في ذلك الوقت، لم أمتلك خيار التغيير لأنـــني أجسد شخصية موجودة على الورق، (تقطع حديثها بابتسامة)، «سعيدة بأرشيفي وسامحونا على تلك الغلطة».
المصدر: السفير