نقاد أردنيون يحتفلون بديوان ‘ويجرحني الناي’

قال الشاعر يوسف عبدالعزيز إن الناي هو الآلة الموسيقية الاولى التي بثت نشيج الانسان على مدى الدهر، حبه وحزنه، واغترابه عن الاهل والوطن، اما الناي الذي جرح الشاعر أبو الهيجاء في هذه المجموعة الشعرية فهو الناي الفلسطيني، الذي حمل هم شعب بأكمله وتصبب فمه بالشوق والحنين لأرض البلاد والأجداد.
وأضاف أن شعر ابو الهيجاء في هذا الديوان يتصادى مع بكاء الناي، ويلمع بالفقد والعذاب، فترتعش ذاكرة الشاعر لتسيل بعدد هائل من الصور التي تشكل نوعا من السيرة الذاتية المختلطة بالسيرة الأخرى الجماعية.
جاء ذلك خلال ندوة أقيمت في دائرة المكتبة الوطنية للشاعر عمر ابو الهيجاء للحديث عن ديوانه “ويجرحني الناي” وقدم قراءة نقدية للديوان الشاعر عبدالعزيز والشاعر نضال القاسم وادار الحوار الشاعر لؤي احمد.
وبين عبدالعزيز أن هذه المجموعة الشعرية تمتاز بعلاقة خاصة بالايقاع، على الرغم من أن نصوصها تنتمي الى قصيدة النثر، الا انها ذات بنية إيقاعية واضحة من خلال العبارات القصيرة التي تتشكل منها المقاطع الشعرية، تلك العبارات التي تتابع حينا وتتوقف في أحيان أخرى بناء على حركة المشهد الذي ترسمه، والأنفاس التي تتصبب صعودا وهبوطا، بما يتلاءم مع الحالة النفسية التي تطبع شخوص القصائد، مما يمكن هذه النصوص من اجتياح القاريء، لافتاً ان الشاعر يحضر الناي في قصائده كتميمة يستعيرها لصوته المخنوق الذي لا يسعفه في قول ما يريد.
اما الشاعر القاسم فقال إن تجربة الشاعر ابو الهيجاء هي من التجارب الملفتة للنظر فتجد نفسك أمام شاعر يمتلك السيطرة على اللغة والموسيقى، وقد تميز صوته بالتنوع والطموح نحو التجديد، فهو صوت مغاير لا تهمه مقاييس اختيار الجملة الشعرية كما استقرت في الاستخدام السائد، يتعامل مع الكلمة من حيث هي مفردة دون وصف لها بالشعرية وغيرها ثم يقيم علاقات الغرابة باعتبارها عالمه الخاص.
وعلى الرغم من اعتيادية عنوان المجموعة الشعرية «ويجرحني الناي» الا انه يمثل أفقا جماليا صادما على عدة مستويات نصية وخارج النص.
وبين أن الشاعر ابو الهيجاء هو من أبرز الأصوات الشعرية التي تكتب قصيدة النثر بانحياز مطلق لكل مقولاتها الجمالية وبإخلاص دؤوب لكل أشكالها التجريبية ونماذجها المجددة ومن أحد توجهات التجديد وأقربها منالا هي ان يكون العنوان على قدر معقول من الحداثة.
وأوضح أن عنوان الديوان هو شفرة لقراءة القصائد والابحار معها، مشيرا الى وجود المتن الشعري في الديوان وهو التفاوت النسبي في حجم المقاطع على المستوى الكمي، اذ قد يطول المقطع ليصل الى صفحتين وقد يكثف ليصبح أبيجراماً شديد الاختزال، إضافة إلى ان الشاعر اختار الترتيب الموضوعي والمعبر عن ايقاعات الذات الشعرية لذلك لم يعتمد على الترتيب الزمني لقصائد الديوان، واختار الانطلاق في وضع القصائد حسب المناخ النفسي والشعوري فقط.
وبين أن أول ما يميز الديوان هو الحساسية الجملية واللغة الذاتية حيث إن الشعر وجدان في المقام الأول، وتعكس قصائد الديوان الوجدانية الخالصة في إبحار داخل عالم الكلمة وأجواء الصورة ومسرح الأخيلة والاشعارات.
وقال إن تجربة الشاعر في هذه المحموعة لا تبتعد عن قصائد مجموعاته السابقة، فشعره عفوي الصياغة، مطبوع العبارة، قوامه الرمز والصورة، وتعكس قصائد الديوان بأصالة واضحة ولغة عذبة وصور مجنحة اهتمام الشاعر بما يجري في العالم من أحداث وقضايا.
كما تبرز في الديوان دعوة أخلاقية نابعة من الود الانساني، ويحفل الديوان بأسماء وأمكنة، وتعبر قصائد الديوان عن ملامح إنسانية وتجارب شعورية في رحلة الحياة والتأمل في سنوات العمر الجميل.
وقد تعددت الأصوات الموسيقية لشعره، غير ان السمة الرئيسية هي التركيز على قصائد فيها الوجد الذاتي والتوهج الشعوري الانساني، إضافة الى أن شعره يتميز بهيمنة حكاية ما، أو بهيمنة حبكة سردية تتصف على الدوام بنوع من الغموض والضبابية، كما أن قصائده مكتوبة بلغة حية تنبض لغة شديدة الواقعية كثيفة مبطنة.
وقال إن الديوان يتميز من الناحية الشكلية بالاختزال والاقتضاب والاهتمام بالايقاع، والصورة البلاغية مما يقودنا الى مفهوم جديد في الشعر وهو مفهوم “الجملة” كما ان شعره يثور على البنية التقليدية للقصيدة، وان غالبية قصائده جاءت أغنيات وجدانية زاوجت بين بساطة الصورة الدرامية وبساطة المعنى، كما تتوزع قصائد مجموعته بين نمطين من الكتابة الشعرية هما الشعرية الغنائية وشعرية الصورة والمشهد.
(ميدل ايست اونلاين)