فضاءات للنشر تطلق ‘ملتقى فضاءات للإبداع العربي’

أطلقت دار فضاءات للنشر “ملتقى فضاءات للإبداع العربي” الدورة الخامسة “دورة الكاتب غالب هلسا” تحت شعار “الإقصاء والعنف سلاح العاجز”، وهو الملتقى السنوي الذي دأبت على تنظيمه وإطلاقه، كخطوة على طريق إرساء رسالتها الداعية إلى المناداة بحق الاختلاف، كشرط أساس للعملية الإبداعية بكليتها وإنتاج جيل كوني قادر على أن يتفهم ويحاور ويدافع عن حق اختلاف الأخر معه.

تأتي الدورة الخامسة للملتقى الذي أطلقته فضاءات عام 2011 لتؤكد أن فضاءات لم ترتجل العمل بل انطلقت وهي تمتلك سياستها الثقافية الواضحية ومساراتها المنحازة للإنسان والحياة، فمنذ البداية وبعيداً عن كل ما هو انشائي ، قلنا إن هدف الملتقى هو التجسير بين الكتاب من مختلف الدول العربية ومحاولة بلورة رؤى فاعلة ومنتجة من خلال الندوات والحوارات التي يخوضونها معا ومبادلة التجارب المختلفة.

في تأسيسنا للملتقى الأول قلنا إننا مع الحوار الفاعل وضد الإقصاء، واليوم تحمل هذه الدورة شعارها الذي يقول: “الإقصاء والعنف سلاح العاجز”، ثم ترفده بشعار الضرورة الإنسانية “دفاعاً عن حق الاختلاف” وما أحوجنا إليه وسط ضجيج الجهل وغياب العقل.

ولأن غالب هلسا ابن العمق العربي والإنساني قبل أن يكون أردنياً فقد أخترناه في هذه المرحلة الدقيقة، لنقول إن الحرية ملكنا جميعاً وأن من يريدون بترهيبهم وإقصائهم للاخرين إخفات صوت العقل والمنطق والحوار، لن يستطيعوا أن يمنعونا من أن ندافع حتى عن حقهم في أن يقولوا رأيهم، لكن بعيداً عن العنف، والإقصاء.

وتعمق هذه الدورة ما سنته الدورة السابقة من حيث اختيار أربعة أسماء لها وزنها في الفعل الثقافي العربي والإنساني، وتكريمهم بعيداً عن التزلف والمجاملة بل وفي الوقت الذي نجد أن بعضهم تنكره اتحادات بلاده لرفضه التبعية لمحتل تؤكد فضاءات على أنها تعتز بتكريمهم. وتحظى هذه الدورة بمشاركة العديد من الكتاب العرب، ولا غرابة أن معظمهم يختلفون مع بعضهم البعض على الصعيد السياسي أو الايديولوجي، ولكنهم يلتقون تحت مظلة فضاءات التي لن تقف يوماً إلا مع الإنسان وحقه في رأيه ودفاعنا عنه.

• المحاور والأوراق

يتناول هذا الملتقى عدة محاور في نقد الرواية حيث تطرح الناقدة د. مها القصراوي صورة الموت في رواية “مياه متصحرة” للكاتب حازم كمال الدين، الموت كمحاولة لإعادة كتابة الواقع أو فضحه، حتى أن الرائي يكاد يغلق دفاتر الرؤى لهول انكشاف الموت الذهني الذي يتعرى امام موت الجسد، والغريب أن الدكتور اليمني محمد المحفلي يتناول نفس الثيمة في رواية “القمحية” لنوال قصار.

ثم ينحو الدكتور نزار قبيلات في ورقته “رواية افرهول أصوات متعددة لبنية مختلّة ورؤى متنوعة” فيتناول المدينة العربية والخراب والخلط الذهني الذي تغلغل فيها من خلال النماذج المشوهة للإنسان العربي الذي بات يغترب عن ذاته في الآخر، وحين يحاول أن يبني تجده لا يستطيع الا أن ينظر للآخرين كمستهلكين وتكون المدينة له مجرد مشروع استثماري ينتهك تاريخها لاجل دريهمات، مستنداً على ذلك في قرأته لرواية “أفرهول” للمبدع زياد محافظة.

ثم تتناول الدكتورة الجزائرية بهاء بن نوار في ورقتها النقدية المعنونة بـ “التجربة السردية للكاتب السوري محمد برهان” من خلال تناولها لروايتيه السابقتين “كاهن الخطيئة” و”عطار القلوب”، وتتوقف مطولا عند روايته الجديدة “بيت الكراهية” والتي تنبش في التاريخ الأوروبي لتجد أن الديانات متقاربة في الرؤيا، فالله واحد لكن قراءات الانسان هي التي تجعلنا نكفر كل مختلف وبالتالي فالتاريخ يعيد نفسه في داعش لا أكثر، فبعض رجالات الدين الاسبان حين تم الخروج من غرناطة فعلوا ما هو أشد وزرعوا الكراهية، حتى لكأنك تشمها في كل فعل متشدد في النص. ولكن هذه الرواية أيضا تطرح القدرة على نقض الكراهية بين الفلسطيني واليهودية، ولكنها تتساءل إن قتلنا الكراهية، هل سنقتل العداء؟

ويطرح د. زياد أبو لبن وضرغام هلسا ود. غسان عبدالخالق في ندوة عن غالب هلسا في المنظور النقدي العربي وقدرته على تمثل فكرة الحرية في النص بعد أن اغتيلت في ذاكرته واقعا.

أما دكتورة ديانا رحيل فتتعرض في ورقتها لرواية نائل العدوان الأخيرة “غواية”، وتعدد المستويات السردية، وإلى تطور صورة المرأة في رواية “العشاء بعد السادسة” للفلسطينية فلسطين أبوزهو.

ويستعرض الدكتور بلال رشيد “المرأة والعلاقة بين الجسد والروح والفهومات الملتبسة لدى الانسان العربي” من خلال رواية فادي المواج “أنثى افتراضية”.

أما رواية “غاردينا”، المدينة العربية التي تشكل أنموذجا للفساد بكل ما فيها وكأنها تقول تاريخ ذاكرتنا الممتدة من المحيط إلى الخليج فسادا واهتراء، ثم يتناول الكاتب تيسير نظمي محور اللجوء والاحتلال والرحيل الذي لا ينتهي لدى الفلسطينين والأكراد وقدرة المقتول على استيعاب القتيل الآخر وايمانه بحقه من خلال علاقة بيمان الكردية وحب جمال الفلسطيني لها وايمانه بحقها في تقرير المصير ضمن رؤى تؤطر رفض الإقصاء أيا كان نوعه من خلال رواية جهاد أبو حشيش “بيمان، درب الليمون.

ويتخلل الملتقى أمسيتان شعريتان أولهما يشارك فيها كل من الشاعر يوسف عبدالعزيز والشاعر علي جعفر العلاق والشاعر راشد عيسى والشاعر عبدالله ويشارك في الأمسية الثانية كل من الشعراء عيد النسور شوقي غانم إياد شماسنة وكوثر الزعبي ومها القصراوي.

وفي القراءات القصصية يشارك محمود الريماوي، ويوسف ضمرة، ومحمد برهان في القراءة الأولى ، ثم يقرأ في الأمسية القصصية الثانية كل من صابرين فرعون، سعاد المحتسب، وخالد سامح، ورشاد ابو داود، وفي الأمسية الثالثة لنا الفاضل واحمد، أبو حليوة، وفتحي الضمور.

وتكرم الدورة كل من الأساتذة بروفسور كمال أبو ديب استاذ النقد الحديث ودكتور علي جعفر العلاق الشاعر والناقد العراقي الكبير، والروائي الأردني جمال ناجي لما له من بصمة حقيقية على صعيد الرواية العربي، والدكتور الفنان الفلسطيني عبدالرحمن المزين رئيس اتحاد التشكيليين الفلسطينيين.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى