جورج خبّاز: المسرح يفضح ضعف الممثل الفني

جوسيلين الأعور
مناسبة العيد العشرين لمسرح المدينة، يُطل جورج خبّاز من على خشبته للمرّة الأولى، في الرابع عشر من تشرين الأوّل الحالي، مؤدياً دور البطولة في مسرحيّة «الملك يموت» عن نص ليوجين يونسكو في عرض واحد فقط، مفتتحاً عشرة عروض مسرحية متتالية تشهدها الاحتفالية. المسرحية من إخراج فؤاد نعيم يشارك فيها باقة من الممثلين مثل برناديت حديب، موريس معلوف، باتريسيا سميرة وغيرهم. كما يواصل جورج خبّاز التحضير لمسرحيته الجديدة المتوقّع عرضها في كانون الأوّل المقبل.
ماذا عن مشاركتك في مسرحيّة «الملك يموت»؟
ـ خلال تحضيري لمسرحيتي الجديدة، اتصلت بي السيّدة نضال الأشقر وزوجها المخرج فؤاد نعيم اللذان اقتبسا مسرحية «الملك يموت»، واختاراني لتأدية دور الملك فيها. هي المرّة الأولى لي على «مسرح المدينة»، وهنا أود أن أبدي فخري بهذه التجربة مع عملاقَين في المسرح اللبناني وإعجابي وتقديري للمخرج المثقّف واللامع فؤاد نعيم.
وماذا عن عملك المقبل؟
ـ يبدأ عرض مسرحيتي الجديدة ـ التي لم أطلق عليها إسماً بعد ـ في الأوّل من كانون الأوّل على «مسرح شاتو تريانو»، وهي من نوع الكوميديا الاجتماعية السوداء، تحكي عن كواليس عالم الشهرة. أستطيع القول إنّها عمل ٌ»يُعرّي» المجتمع، ويزيل القشور عنه، ويدخل في الجوهر والذهنيّة المتخلّفة في النظرة إلى الآخر. يتخللها عنصر الاستعراض الموسيقي لأنّها تتكلّم عن حياة فنّانة استعراضيّة في الكواليس حيث يتخلّل المسرحيّة ـ التي هي من تأليفي وإنتاجي وإخراجي ـ سبع أغانٍ في سبع لوحات استعراضيّة تخدم السياق الدرامي، وهي من كتابتي وألحاني وتوزيع شارل شلالا. الديكور لطوني كرم وتصميم الرقص لأختي لارا خبّاز. ويشارك في التمثيل لورا خباز، جورج قصاف، ستيفاني عطالله (وجه جديد)، وسيم التوم، جوزيف سلامة، والكبيران عمر ميقاتي وبطرس فرح اللذن أعتبرهما « «البركة» في مسرحنا، ووجودهما يضفي فرحاً وخبرة لأنّهما عاصرا أجيالا عدّة، لهذا أنا سعيدة وفخور لوجودهما معنا في العمل.
العمل المتكامل
آخر ظهور لك على الشاشة الصغيرة كان في العام 2010 في مسلسل «القناع» لشارل شلالا، ما سبب هذا الغياب؟
ـ أنا في صدد التحضير لمشروع تلفزيوني، أما سبب عدم ظهوري فهو انشغالي الكبير في المسرح، إلى جانب التدريس في ثلاث جامعات.
هل يجد الممثّل المسرحي أنّ التلفزيون يحد من طاقاته الإبداعيّة؟
ـ طبعاً، ولهذا أبحث عن عمل مناسب وعالي المستوى من حيث النص والإخراج والكتابة، فالعمل المتكامل وحده يعيد المسرحي إلى الشاشة الصغيرة، ولأنني لا أريد العودة في عمل متواضع، بل بعمل يليق باللقاء. المسرح والسينما يأخذان الممثل إلى عالمهما الساحر، أنا لا أنكر فضل التلفزيون، ولكن شئنا أم أبينا هو عالم استهلاكي يومي، وانا أؤمن أنّ الأهم هنا تقديم مادة جميلة ودسمة للجمهور.
هل استطاع جورج خبّاز إحضار جمهور التلفزيون إلى المسرح؟
ـ لا ريب أنّني فعلت ذلك في البدايات، فعندما بدأت العمل في المسرح في العام 2004 أتى جمهور التلفزيون بكثافة ليشاهدني، خصوصاً بعد نجاح «عبدو وعبدو»، ولكن حتماُ لن يستمر هذا الأمر لمدة ثلاث عشرة سنة لولا نجاح الأعمال التي أثبتت نفسها.
عندما تؤدي دوراً لكاتب آخر، هل تتدخّل في النص او تلتزم تماما به؟
ـ ألتزم به إلى حدّ كبير، وعندما أريد إضافة أي شيء، أفعل الأمر بعد أخذ موافقة المخرج والكاتب، فأنا أحترم صفحات النص الموجودة بين يدي! ولأنني لا أقبل أن يتدخّل الممثل في نصي، أفعل المثل عندما أكون أنا الممثّل.
الممثل المسرحي
خلال هذه السنوات، هل من عمل مسرحي مفضّل لديك بين أعمالك؟
ـ المسرحية الأولى «مصيبة جديدة» لم تكن إسمأً على مسمّى أبداً، لأنّها فاتحة خير كبيرة. وهناك أعمال مسرحيّة ذات قيمة فنية عالية جداً أحدثت نقلة نوعيّة في مسرح جورج خبّاز خاصّة، والمسرح اللبناني عامة. «كذّاب كبير» من الأعمال التي أحب، و «على الطريق» و«مطلوب» التي تضمنّت إسقاطات سياسية على المستوى الإقليمي، و «مش مختلفين» التي تكلّمت عن النظرة المتخلّفة للمختلف. واليوم اظن أنّ المسرحية الجديدة ستشكّل نقلة نوعية جديدة، فهي مختلفة من حيث الشكل والإيقاع وطريقة سكب الحوار، إلى جانب طرح أفكار حديثة في التأليف الموسيقي، الاستعراض وغيرها من العناصر غير المسبوقة.
هل يفضح المسرح قدرات الممثّل؟
ـ طبعا، فوحده الممثّل الحقيقي قادرٌ على الوقوف على المسرح، لهذا تجدين أنّ عددا كبيرا من نجوم التلفزيون فشلوا فشلاً ذريعاً فيه، فالمسرح لا يفضح فقط الضعف الفني للممثل بل أيضاً الجماهير.
هل هناك شخصيّة تندم على أنّك قمت بتأديتها؟ وهل من أخرى تود إعادتها؟
ـ هناك أعمال كاملة أندم لأنني شاركت فيها، ولكنني لن أسميها حتّى لا أجرح أصحابها والعاملين فيها. بالنسبة لإعادة الشخصية، أجد الأمر صعباً، فالشخصية مثل النبتة التي تنمو تكبر، والتي لا يمكن اقتلاعها من الجذور لزرعها في مكان آخر.
خلال تجربتك كأستاذ جامعي، ما هو الاعتقاد الخاطئ الذي يجمع طلاب التمثيل؟
ـ الخطأ هو حصرهم التمثيل في التلفزيون، وطبيعة الأعمال التي نشاهدها اليوم، أو النخبويّون الذين يحصرون التمثيل في الإطار الثقافي البحت. أنا من مؤيّدي المعادلة الصعبة المتمثلّة في العمل الجماهيري والراقي في الوقت عينه، تماماً كما فعلنا في فيلم «غدي» الذي حصد تسع جوائز عالمية وحقق 85 ألف مشاهد في الوقت عينه، متربعاُ على العرشين بكل ثقة.
السؤال الأخير، بعد نجاح «غدي» الصاعق، أين أنت من السينما؟
ـ أحضر فيلما سينمائيا جديدا من كتابتي وإخراج أمين درة، أما الإنتاج فنأمل خيراً بالموافقة من قبل شركة ضخمة جداً. لا أريد الحديث تفصيلياً عنه، وأكتفي بالقول أنّه يسلّط الضوء على دور البيئة الحاضنة. باختصار الإيمان بأنّ «اليد التي تذبح أو تسرق ما كانت هي نفسها في بيئة مختلفة وكان من الممكن أن تكون يد عازف بيانو».
(السفير)