آدم حنين للخيال الجديد.. نضال ضد القبح

محمد شعير
من وسط منحوتاته، أعلن الفنان آدم حنين في احتفالية كبرى أقامها بمتحفه في القاهرة الجائزة التي تحمل اسمه. توزع الحاضرون في جنبات الحديقة التي امتلأت بمئات التماثيل، هنا «حارس الأفق» يضع يده بمحاذاة جبهته لينظر إلى اللانهائية، يستطلع المستقبل، وهنا «سفينة نوح» المركب الغرانيتي الضخم، الذي كتب عليه حنين اسم زوجته عفاف، وإلى الجانب الآخر تمثال لأم كلثوم..
صعد آدم حنين إلى المنصة ليقول: «في أيام الشباب كنت وأبناء جيلي، نحتفي بكلّ يد تمتد إلينا لتعيننا على مواصلة الطريق، وكنّا نعيش في عصر ثقافي وفني مزدهر، لكننا أيضاً كانت تنقصنا مقومات كثيرة، أصبحت متاحة في وقتنا الحالي، وأتاحت نوافذ عديدة تطلّ منها تجارب الفنانين الشباب». وأضاف: «فن النحت على وجه التحديد، ربما يحتاج إلى دعم من نوع خاصّ، بصفته فن الصبر، والتأني، والعزلة في بعض الأحيان، ولكن الفنان يصبر، ولا بدّ أن يكون له هدف ولو بسيط، يمنحه طاقة تحفيزية على مواصلة الإبداع، ومن هنا جاءت جائزة آدم حنين لفن النحت، التي آمل أن تضيف إلى المشهد الفني أسماءً واعدة، وأفكاراً مبتكرة، وخيالاً جديداً». ثم شكر حنين مؤسسة الأهرام ورئيس مجلس إدارتها (وهو نحات أيضاً) أحمد سيد النجار لرعايته الجائزة إعلامياً.
نضال نحتي
لم يكن إعلان الجائزة هو «مدّ يد العون للشباب» فقط كما قال حنين، بل أيضاً نوع من النضال ضد القبح. دور لا يدّعي صاحبه أنه نضال، وهو ما فعله من قبل عندما أسس متحفه قبل عامين بعد وصول القوى الإسلامية المتطرفة لحكم مصر، أسس المتحف «كنوع من الردّ على أناس يريدون تدمير هوية مصر، لم أعتبر الأمر نضالاً سياسياً ولكني أردت أن أعمل المطلوب مني كفنان وكمواطن يعرف قدر هذا البلد». كما قال. هذا الدور أيضاً يأتي رداً على التشويه المتعمد لتماثيل الميادين المتكرر، والتدهور الجمالي، والأمّية البصرية التي نعانيها في المدن المصرية، وهي الظاهرة التي انتشرت مؤخراً فى مصر، حيث يقوم غير متخصصين بتنفيذ هذه التماثيل بدعم من مسؤولين جهلة. ربما كانت هذه دوافع غير معلنة للجائزة التي أعلنها الأب الروحي للنحت المصري المعاصر. وقد أعلنت المؤسسة شروط الجائزة: ألا يزيد عمر المتقدم لنيل الجائزة على ٣٥ عاماً. ألا يكون العمل المقدم قد حصل على جوائز أخرى. ولا يحق للمتسابق التقدم بأكثر من عمل. وألا يزيد حجم العمل على نصف متر مكعب. وتبلغ قيمة الجائزة الأولى خمسين ألف جنيه، والجائزة الثانية منحة مجانية للإقامة لمدة أسبوعين والعمل بأتيليه الفنان آدم حنين وتحت إشرافه، وتعرض الأعمال التي تخطت مرحلة الفرز في معرض يقام بمناسبة إعلان الجوائز.
الدور التنويري
ومن جانبه قال الأمين العام لمؤسسة آدم حنين المهندس أكرم المجدوب إن المؤسسة «كانت تضع في خطتها عدة أهداف، على رأسها إنشاء متحف يضم أعمال الفنان الكبير آدم حنين، وهو ما تحقق بالفعل، ثم وضعت خطة أخرى ليؤدي المتحف دوراً تنويرياً بالارتقاء بالذائقة العامة من خلال زيارات مدرسية لأبناء المدارس المحيطة، إلى جانب توافد طلاب الكليات الفنية لينهلوا من هذا الزخم الفني الكبير». وأضاف: «إن إطلاق جائزة في فن النحت للشباب الأقل من ٣٥ عاماً في مصر والعالم العربي، وهو دور ارتأينا القيام به محلياً وعربياً، وستشهد المرحلة المقبلة خروجاً عن القاهرة، والانطلاق نحو الأقاليم، لتنظيم زيارات متحفية، أو عقد مسابقات وأنشطة تسهم في اكتشاف الموهوبين في الفن والتشكيلي، والعمل على رعايتهم فنياً، وذلك بالتعاون مع الجهات الرسمية ممثلة في وزارة الثقافة، والجامعات، إلى جانب المؤسسات الأهلية».
(السفير)