اللبناني ربيع علم الدين يحوز جائزة «فيمينا» للرواية

إسكندر حبش
يبدو أن الأدب اللبناني «الفرنكوفوني» ليس وحده ما يُمثّل وجهاً آخر من الكتابة اللبنانية الراهنة، كما أنه ليس وحده ما يحوز الجوائز في العالم، بل علينا أن ننتبه إلى كلّ تلك اللغات التي يكتب بها «اللبنانيون» اليوم، في شتى بقاع الأرض. من البرتغالية في البرازيل: ميلتون حاطوم ورضوان نصار (إلخ)، إلى إسبانية أميركا اللاتينية مثل لويس فياض (كولومبيا) وغيره، من دون أن ننسى «الأنغلوفونيين» الذين فرضوا حضورهم في أستراليا (ديفيد معلوف) وكندا (راوي الحاج) وربيع علم الدين (الولايات المتحدة الأميركية).
ربيع علم الدين كان البارحة على موعد مع تكريم كبير له في فرنسا، إذ حاز جائزة «فيمينا» للرواية الأجنبية، أي إن روايته الأخيرة «حيوات الورق» (عنوانها الأصلي Unnecessary Woman)، المكتوبة بالإنكليزية وبعد أن تُرجمت إلى الفرنسية هذا العام، حازت جائزة «فيمينا» لأفضل رواية مترجمة (إلى الفرنسية).
جوائز «فيمينا» التي أعلنت أمس، افتتحت موسم الجوائز الأدبية لهذه السنة والتي ستنتهي يوم 8 تشرين الثاني المقبل، من دون أن ننسى «غونكور» التي تعلن يوم 3 المقبل. وقد جاءت على الشكل التالي:
أفضل رواية فرنسية لـ ماركوس مات عن رواية «الولد» (منشورات زولما)، وأفضل بحث لـ غيلين كونان عن كتاب «شارلوت ديلبو، الحياة المستعادة» (منشورات «غراسيه») وعلم الدين (اللبناني ـ الأميركي، مواليد عَمّان عام 1959) عن «حيوات من ورق» (منشورات «ليه إسكال») لأفضل رواية أجنبية (فاز بخمسة أصوات مقابل أربعة لبيتينا غابا من «زيمبابوي» عن روايتها «كتاب الذاكرة»، (منشورات «لاتيس»). وكان كتابه هذا وصل إلى التصفية النهائية عام 2014 لـ «جائزة الكتاب الوطني» حين صدوره في الولايات المتحدة الأميركية.
تتحدث رواية علم الدين، عن سيدة لبنانية تجاوزت السبعين من عمرها تدعى عليّا من مواليد مدينة بيروت التي تعيش فيها، إذ لم تغادرها مطلقاً. وحين وصلت إلى خريف العمر هذا، بدأت تستعيد ذكرياتها الماضية، بدءاً من الشقة التي تعيش فيها، التي تقاسمتها مع زوجها الذي اقترنت به وهي في السادسة عشرة من عمرها (كان ذلك في خمسينيات القرن الماضي)، لكن زواجهما لم يدم لأكثر من أربع سنوات. كانت عليّا صاحبة مكتبة، لهذا تمثّل الكتب لها «الأصدقاء المخلصين». وإلى جانب مهنة بيع الكتب، مارست الترجمة لمدة خمسين سنة، حيث نقلت إلى العربية أمهات الروايات العالمية ولأبرز كتّابها، لكنها ترجمات لم ترغب في نشرها أبداً. خلال هذه «الحيوات» المتأرجحة ما بين الماضي والحاضر، نكتشف أجزاءً من «تاريخ» المدينة أيضاً، ولا سيما فترة الحرب الأهلية، وانعكاساتها على المجتمع والأفراد، وكأننا أمام «بورتريه» لمدينة بيروت بكل تفاصيلها وانزياحاتها وصعودها وهبوطها، لكن من دون أن تسقط الرواية ولو للحظة، في وعاء الرواية التاريخية، بل نجد أنفسنا أمام تأملات حول المجتمع اللبناني مثلما نحن أمام تأملات في معنى الأدب. هذه التأملات التي دفعت الروائي ماتياس إينار (حائز غونكور لعام 2015) لأن يصف شخصية عليّا «بأنها أجمل شخصية نسائية قدمها لنا الأدب منذ فترة طويلة».
(السفير)