تحية إلى معرض الكتاب.. الأفضل في العالم العربي

صالح الأشمر
لا يزال معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الذي يقام سنوياً هو الأفضل بين معارض الكتب التي أصبحت تقام، من بعده، في العديد من الدول العربية. وليس أدل على أفضليته من الحرية الواسعة التي يتمتع بها المعرض البيروتي في استقبال واحتضان المؤلفات الأدبية والفكرية والعلمية والدينية من مختلف المذاهب والمشارب التي يمنع عرضها وتداولها في البلدان الأخرى. صحيح ان المعرض يقام في ظروف سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية متردية في لبنان وفي المنطقة مما يؤثر على نوعية النتاج الأدبي والفكري والعلمي… إلا ان المعرض لم ينحدر إلى المستوى «الهابط» الذي تزعم أدبيات نقدية صدرت مؤخراً عن بعض النقاد والمحللين والمثقفين والإعلاميين ونجوم السجالات السياسية في التلفزيونات… حتى ان بعضهم لم يجد في المعرض كتاباً يستحق منه التنويه فأطلق حكماً مبرماً على رداءة الإنتاج كله وكأنه قرأ الكتب المعروضة كلها، وتعذّر عليه أن يرى نقطة ضوء واحدة تستحق ان يذكرها.
… وصحيح أيضاً ان الكثير من المعروضات لا يتمتع بمستوى جيد وأن المستوى المتوسط وما دون هو الغالب…
لكن متى، وفي أي بلاد، حتى الغربية منها، حيث للكتاب منزلة مرموقة، ولا يكاد يوجد مواطن فيها لا يقرأ بضعة كتب في السنة… في أي معرض للكتاب هناك يغلب الإنتاج الجيد على الإنتاج المتوسط أو الما دون؟
… فيا أيها النقاد الرفيعو المقام الغيارى على جودة الكتب وعلى نهضة البلد، ونظافته من النفايات ومن الفساد عموماً، خذوا معرضنا البيروتي بحلمكم، فليس من شأنه ان يجعل البلد لوحة جميلة بضربة من مكنسة سحرية تزيل ما تراكم في شوارعه وربوعه من أكوام الزبالة. فهذا المعرض المتواضع ما هو بالحكومة التي تتشكل لمعالجة النفايات والعجز الكهربائي والتقصير المائي، كما لا يعني مجرّد انعقاده ان يكون من مفاعيله المباشرة انخفاض مستوى التخلّف السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي، وان كان الأصح انه يعكس كل ذلك من خلال ما تحويه من كتب ومنشورات التي إن كان مستواها منخفضاً بوجه عام فلأنها تحاكي الواقع، وعلى نخب المجتمع وقادته ان يعملوا على تغييره.
… ورفقاً بالكتاب يا أيها النقاد الطويلو الباع والملهمو اليراع، فالكتب مثل الناس فيها المعافى المتمتع بصحة جيدة وفيها الضعيف، وفيها السقيم.
… وقليلاً من التواضع، فنحن قوم هذا ما رزقنا به من المفهومية، ونحن قوم نحب «حفلات» التوقيع فلا تحضروها أنتم… ودعونا نتوهم اننا نساوي شيئاً، ولو قليلاً، مما تتصفون انتم به من علوّ الكعب في المجالات كافة الأدبية والفكرية والسياسية والإعلامية… وفي كل باب من أبواب العلم والمعرفة؛ ودعونا نفرح، من سذاجتنا، بمعرضنا، وكتبنا وصورنا التذكارية.
(السفير)