ثورة تونس بين رفّ الكتب
“تونس، ثورة في أرض الإسلام” عنوان كتاب جديد لرجل القانون التونسي عياض بن عاشور، أراده تأريخا وتحليلا لخمس سنوات من عمر ثورة غير مؤدلجة ولا متحزبة ولا مسلّحة، إلا أنه حاد عن الموضوعية في نقاط كثيرة، رغم استناده إلى وقائع تاريخية معلومة، فقد عزا التفاف رموز العهدين البائدين على حركة شبابية غير مسبوقة إلى “عبقرية هذه الثورة” التي استطاعت في رأيه استقطاب رجال النظام السابق، والاستعانة بهم لوضعها على المسار الصحيح، وترك أزِمة البلاد الاقتصادية والسياسية بأيدي نفس الأشخاص الذين عملوا مع بن علي وحتى مع بورقيبة، والحال أنهم انتهازيون استغلوا شغور السلطة، وغياب قيادة ثورية لسدها، فاستأثروا بالحكم، ولو عن طريق الاقتراع، ولم يجن الشباب من ثورتهم أيّ مغنم، حتى بعد بعث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة برئاسة بن عاشور نفسه.
◄ كتابة التاريخ في وجهها المعاصر
هذه طبعة جديدة لكتاب ميشيل دو سيرتو “التاريخ والتحليل النفسي بين العلم والخيال”، يرسم فيه مقاربة مخصوصة لكتابة التاريخ، يستدعي فيها فوكو وفرويد ولاكان، وتحليل السلطة والجسد والجنون والتخييل في التاريخ، ليس بغرض الخلط بين أجناس متنافرة في الظاهر كالتاريخ والتحليل النفسي واللسانيات والأنثروبولوجيا، أو الاستفادة من شتى الطرق المنهجية، ولا التشويش على هويات المعارف، بل الغاية هي التنقل من حقل معرفي إلى آخر لتتبع سؤال وُلد في ضفة أخرى، لا يستطيع أن يجد فيها الرعاية المُرْضية.
ذلك أن دو سيرتو لا يقنع باقتفاء أساليب من سبقوه، بل اختط لنفسه نهجا ميّزه عن سواه، حتى عُدّ من أهم رموز المدرسة التاريخية الفرنسية، نهج استطاع بفضله أن يستبق الانفتاح الضروري على حقول معرفية أخرى، للخروج بالتاريخ مما أصابه من رتابة.
◄ الفن والدين
“الفن والدين، من كهف شوفيه إلى كهف لاسكو” كتاب لعالم الأنثروبولوجيا آلان تيستار (1945-2013) نشر عن دار غاليمار بعد وفاته يسلط فيه الضوء على الجهاز الأيقوني في الكهوف المزينة التي يرجع عهدها إلى العصر الحجري العلوي، ولا سيما لاسكو (18000 ق م) وشوفيه (37000 ق م)، ويحلل التوزيع الفضائي للأعمال الفنية وتمثل الحيوانات ووفرة العلامات التجريدية، ليقترح تأويلا غير مسبوق قرنه بنظرية علائمية جديدة.
وفي رأيه أن هذا الفن يقوم على قانون يحيل على نمط من التفكير الأسطوري شبيه بنمط التفكير في الطوطمية، وأن أيقونية الكهوف تدل على إنسانية هجينة. فالإنسان فيها حاضر، وترتيبه وفق فئات نستشفه من ترتيب الحيوانات كما تتجلى في تلك الجدرايات. كما أن علامات التأنيث توحي بأن التكاثر كان من الاهتمامات المحورية في ديانة إنسان العصر الحجري.
(العرب)